للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو خُلِّصَ مِنْ السِّجنِ، ظهَر أنَّه لَم يَقَعْ مُجزئًا، وظهَر وُجوبُ المُباشَرةِ بنَفْسِه، ولو أحَجَّ صَحيحٌ غيرَه ثم عَجزَ لا يُجزئُه، كذا في فَتاوي قاضيخانَ، وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّه أذِنَ قبلَ وُجوبِ سَبَبِ الرُّخصةِ، ولا يُتَخايَلُ خِلافُ هذا (١).

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: يُشترَطُ في المُوكَّلِ فيه أنْ يَكونَ قابِلًا لِلنِّيابةِ؛ لأنَّ التَّوكيلَ إنابةٌ، فما لا يَقبَلُها لا يَقبَلُ التَّوكيلَ، فلا يَصحُّ التَّوكيلُ في عِبادةٍ؛ لأنَّ المَقصودَ مِنها ابتِلاءُ الشَّخصِ وامتِحانُه، إلَّا الحَجَّ عندَ العَجْزِ، والعُمرةَ؛ لِلأحاديثِ السَّابِقةِ، ويَندَرِجُ فيهِما تَوابِعُهما، كَرَكعَتَيِ الطَّوافِ، وإنْ كانَتِ الصَّلاةُ ممَّا لا تَصحُّ فيه النِّيابةُ، وتَفرِقةُ الزَّكاةِ، والكَفَّاراتُ، وصَدَقةُ التَّطوُّعِ، وذَبْحُ الهَدايا، والعَقيقةُ، وشاةُ الوَليمةِ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: تَصحُّ الوَكالةُ في كلِّ حَقٍّ لِلَّهِ تَعالى تَدخُلُه النِّيابةُ مِنْ العِباداتِ، كالحَجِّ والعُمرةِ، فيَستَنيبُ مَنْ يَفعَلُهُما عنه مُطلَقًا في النَّفلِ، ومَع العَجزِ في الفَرضِ مِنْ نحوِ مَعضوبٍ، ورَكَعَتا الطَّوافِ تَدخُلانِ تَبَعًا لهما، وإنْ كانَتِ الصَّلاةُ لا تَدخُلُها النِّيابةُ.

فَمَنْ وُجِدَتْ فيه شَرائِطُ وُجوبِ الحَجِّ وكانَ عاجِزًا عنه لِمانِعٍ مَيْؤُوسٍ


(١) «شرح فتح القدير» (٣/ ١٤٥، ١٤٦).
(٢) «الحاوي الكبير» (٦/ ٤٩٧)، و «البيان» (٦/ ٣٩٦)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٨٩، ٤٩٠)، و «شرح مسلم» (٩/ ٩٨)، و «المجموع» (٧/ ٦٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٩٦)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣١)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٤٧)، و «الديباج» (٢/ ٣٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>