للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليسَ لِوَكيلِ الخُصومةِ عَزْلُ نَفْسِه بعدَ أنْ يَحضُرَ ثَلاثَ جَلَساتٍ إلَّا لِعُذرٍ، بعدَ أنْ يَحلِفَ اليَمينَ أنَّه ما عزَل نَفْسَه إلَّا لِهذا العُذرِ، وكَذلك ليسَ لِلمُوكِّلِ عَزلُ الوَكيلِ، أمَّا قَبلُ حُضورِه ثَلاثَ جَلَساتٍ؛ فإنَّ له عَزلَ نَفْسِه، ولِلمُوكِّلِ عَزلَ مُوكِّلِه قبلَ ذلك، ولِخَصْمِه أنْ يُوكِّلَه إلَّا إذا أصبَحَ عَدُوًّا لِلمُوكِّلِ الأوَل؛ فإنَّه لا يَصحُّ.

وإذا خاصَمَ الوَكيلُ في قَضيةٍ ثم انتَهَتْ وأرادَ الدُّخولَ في قَضيةٍ أُخرَى؛ فإنَّه يَصحُّ، بشَرطِ أنْ تَكونَ الوَكالةُ غيرَ مُعيَّنةٍ ولَم تَطُلْ مُدَّةُ انقِطاعِ الخُصومةِ بينَ القَضيتَيْنِ؛ فإذا طالَتْ إلى سِتَّةِ أشهُرٍ؛ فإنَّه لا يَصحُّ.

أمَّا إذا كانَتْ مُتَّصِلةً ولَم تَنقَطِعْ، فلِلوَكيلِ أنْ يَتكَلَّمَ عن مُوكِّلِه، وإن طالَ كَثيرًا (١).

إلَّا أنَّ الفُقهاءَ حَرَّموا ومَنَعوا الإنسانَ أنْ يُوكَّل عن آخَرَ إذا كانَ مُوكِّلُه يَدَّعِي الباطِلَ ويَعلَمُ أنَّه ظالِمٌ، واستَدَلُّوا على ذلك بما رَواه الإمامُ أبو داوُدَ في سُنَنِه، في بابِ: مَنْ يُعينُ على خُصومةٍ مِنْ غيرِ أنْ يَعلَمَ أمرَها.

حدَّثنا أحمَدُ بنُ يُونُسَ ثَنَا زُهَيرٌ ثَنَا عُمارةُ بنُ غَزيَّةَ عن يَحيَى بنِ راشِدٍ قالَ: جَلَسْنا لِعَبدِ اللَّهِ بنِ عُمرَ، فخرَج إلَينا، فجَلَسَ فقالَ: سَمِعتُ رَسولَ اللَّهِ


(١) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥٤، ٥٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٧٩، ٢٨٠)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٩٥، ١٩٦)، و «مواهب الجليل» (٧/ ١٣٣، ١٣٤)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٦٩، ٧٠)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>