للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُوكِّلُ حاضِرٌ، أيَجوزُ ولَم يَرْضَ خَصمُه بالوَكالةِ في قَولِ مالِكٍ؟ قالَ: نَعم، الوَكالةُ جائِزةٌ، وإنْ كَرِهَ خَصمُه، ولِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما أنْ يُوكِّلَ، وإنْ كانَ حاضِرًا، إلَّا أنْ يَكونَ ذلك رَجُلًا قَدْ عُرِفَ أذاه، وإنَّما أرادَ بذلك أذاه، فلا يَكونُ ذلك له، كَذلك قالَ مالِكٌ (١).

٣ - أنْ يَكونَ الوَكيلُ واحِدًا مُعيَّنًا، فلا يَصحُّ تَوكيلُ غيرِ مُعيَّنٍ، فإنْ كانَ الحَقُّ لِاثنَيْنِ فقالَا: مَنْ حضَر مِنا خاصَمَ، فليسَ لهما ذلك؛ لأنَّه كَتَوكيلِ أكثَرَ مِنْ واحِدٍ.

٤ - ألَّا يُباشِرَ المُوكِّلُ نَفْسُه الخُصومةَ أمامَ الحاكِمِ؛ فإذا باشَرَها بنَفْسِه وحضَر ثَلاثَ جَلَساتٍ ولو في يَومٍ واحِدٍ، فليسَ له أنْ يُوكِّلَ مَنْ يُخاصِمُ عنه خَصمَه؛ لأنَّ شَأنَ الجَلَساتِ الثَّلاثِ انعِقادُ المَقالاتِ بينَهما، وظُهورُ الحَقِّ، فالتَّوكيلُ حينَئذٍ يُوجِبُ تَجديدَ المُنازَعةِ وكَثرةَ الشَّرِّ، إلَّا أنْ يَحصُلَ لِلمُوكِّلِ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ أو سَفَرٍ ونحوِهِما، فله حينَئذٍ أنْ يُوكِّلَ مَنْ يُخاصِمُ عنه، وإذا ادَّعى إرادةَ سَفَرٍ حلَف أنَّه ما قصَد السَّفَرَ لِيُوكِّلَه، ومِثلُه دَعوَى أنَّ بباطِنِه مَرَضًا، ومِثلُه دَعوَى أنَّه كانَ نَذَرَ اعتِكافًا ودخَل وَقتُه؛ فإنَّه يَحلِفُ على جَميعِ ذلك، فإنِ امتَنَعَ عن الحَلِفِ لا يَصحُّ له أنْ يُوكِّلَ إلَّا برِضَا خَصمِه. ومِن العُذرِ أنْ يَتشاتَما أو يَضيقَ الخَصْمُ عن احتِمالِ خَصمِه، فيَحلِفَ باللَّهِ على ألَّا يَقِفَ إلى جانِبِه في الخُصومةِ، أمَّا إذا حلَف لِغيرِ سَبٍّ؛ فإنَّه لا يَنْفَعُ حَلِفُه، بَلْ يَتعيَّنُ أنْ يُخاصِمَ بنَفْسِه، ويَحنَثَ في يَمينِه، إلَّا أنْ يَرضَى خَصمُه بتَوكيلِه.


(١) «المدونة» (١٦/ ٤٤٠، ٤٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>