للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثابِتٌ مَحضٌ، فانتَهَتِ الوَكالةُ بقَبضِه، ألَا تَرَى أنَّه لا يُستَغنَى عن الإضافة إلى المُوكِّلِ، فيَقولُ: سلِّمْ إليَّ ما وَهَبَتَ لِفُلانٍ، ولا يَقولُ: ما وَهَبَتَه لي، وكَذلك الوَكيلُ بقَبولِ الهِبةِ لا يَستَغنِي عن إضافةِ العَقدِ إلى المُوكِّلِ بأنْ يَقولَ: هَبْ لِفُلانٍ كذا، حتى لو قالَ: هَبْ لي، كانَ العَقدُ لِلوَكيلِ دونَ المُوكِّلِ، بخِلافِ الوَكيلِ بالشِّراءِ إذا قالَ: بِعْ مِنِّي؛ لأنَّ الِانتِقالَ إلى المُوكِّلِ هُناكَ يُوجِبُ ضَمانَ اليَمينِ على المُوكِّلِ لِلوَكيلِ، وليسَ في عَقدِ الهِبةِ ضَمانُ الثَّمَنِ؛ فلِهذا جُعِلَ مُلتَمِسًا العَقدَ لِنَفْسِه إذا لَم يُضِفْه إلى الآمِرِ.

ولو وَهَبَ رَجُلانِ لِرَجُلٍ شَيئًا ثم وكَّلا رَجُلًا بأنْ يَدفعَه إليه جازَ، وكَذلك لو وكَّلا رَجُلَيْنِ، أو وكَّل كلُّ واحِدٍ مِنهُما رَجُلًا على حِدَةٍ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنْ الوَكيلَيْنِ نائِبٌ عن مُوكِّلِه، ويَجوزُ نِيابةُ الواحِدِ عن الواحِدِ، وعَن الِاثنَينِ، فإنْ دفَعه أحَدُهما إليه أو قَبَضَه مِنْ غيرِ دَفْعٍ جازَ، لأنَّهما حين وكَّلا هَذَيْنِ بدَفْعِها سلَّطَا المَوهوبَ له على قَبضِها.

ولو وكَّل المَوهوبُ له رَجُلَيْنِ بقَبْضِ الهِبةِ، فقَبَضَها أحَدُهما، لَم يَجُزْ؛ لأنَّه رَضيَ بأمانَتِهما، فلا يَكونُ راضيًا بأمانةِ أحَدِهِما؛ لأنَّ المَوهوبَ له يَملِكُ القَبضَ بنَفْسِه مِنْ غيرِ دَفعِها، وكَذلك عندَ دَفْعِ أحَدِهِما، وعلى هذا لو وكَّل الوَكيلُ غيرَه بدَفْعِها جازَ، ولو وكَّل وَكيلُ المَوهوبِ له غيرَه يَقبِضُها لَم يَجُزْ إلَّا أنْ يَكونَ المُوكِّلُ قالَ له: ما صَنَعتَ مِنْ شَيءٍ فهو جائِزٌ، فحينَئذٍ له أنْ يُوكِّلَ غيرَه بذلك؛ لأنَّه أجازَ صِفةً على العُمومِ، والتَّوكيلُ مِنْ صِفَتِه.

وإذا وكَّل رَجُلٌ رَجُلًا أنْ يَهَبَ الثَّوبَ لِفُلانٍ على عِوَضٍ يَقبِضُه مِنه

<<  <  ج: ص:  >  >>