للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّينَ إلى الوَكيلِ لَم يُلتَفَتْ إلى أقوالِ الوَكيلِ بالقَبضِ، وإنكارِه، ولَزِمَ الغَريمَ إقامةُ البيِّنةِ بالدَّفعِ إلى الوَكيلِ؛ فَإنْ لَم يُقِمْ بيِّنةً غَرِمَ في ذلك لِصاحِبِ الحَقِّ؛ لأنَّ الغَريمَ هو الذي أتلَفَ مالَهُ؛ حينَ دفَعه إلى مَنْ يَبرَأُ بالدَّفعِ إليه، وكَذلك لو كانَتِ الوَكالةُ ببيِّنةٍ، فدفَع الغَريمُ إلى الوَكيلِ بغيرِ بيِّنةٍ، وأنكَرَ صاحِبُ الحَقِّ؛ فإنَّ الغَريمَ يُغَرَّمُ المالَ؛ لأنَّ إقرارَ الوَكيلِ بالقَبضِ غيرُ مَقبولٍ على المُوكِّلِ؛ لأنَّ الوَكيلَ أمينٌ فيما بينَه وبينَ مُوكِّلِه، لا فيما بينَه وبينَ غيرِه، وإذا كانَ كَذلك فإنَّ الغَريمَ يُغَرَّمُ المالَ ثانيةً وله إحلافُ صاحِبِ الحَقِّ على أنَّه لَم يَقبِضْه، ولَم يَعلَمْ بدَفْعِ الحَقِّ إلى وَكيلِه، فإنِ ادَّعى الوَكيلُ أنَّه دفَع المالَ إليه ببيِّنةٍ وأقامَها؛ فإنَّ الغَريمَ يَبرَأُ بذلك، ولا يَحتاجُ إلى إقامةِ بيِّنةٍ على الدَّفعِ إلى الوَكيلِ؛ لأنَّ البيِّنةَ قَدْ شهِدتْ بقَبضِ صاحِبِ الحَقِّ بحَقِّه، فإنِ ادَّعى الدَّفعَ إلى صاحِبِ الحَقِّ بغيرِ بيِّنةٍ لا يَلزَمُ ذلك صاحِبَ الحَقِّ على ما بينَاه (١).

وقالَ الشِّيرازيُّ : وإنْ وكَّله في الإيداعِ فادَّعى أنَّه أودَعَ، وأنكَرَ المُودَعُ، لَم يُقبَلْ قَولُ الوَكيلِ عليه؛ لأنَّه لَم يَأتَمِنْه المُودَعُ، فلا يُقبَلُ قَوله عليه، كالوَصِيِّ إذا ادَّعى دَفْعَ المالِ إلى اليَتيمِ.

وَهَل يَضمَنُ الوَكيلُ؟ يُنظَرُ فيه، فإنْ أشهَدَ ثم ماتَ الشُّهودُ أو فَسَقَوا، لَم يَضمَنْ؛ لأنَّه لَم يُفَرِّطْ، وإنْ لَم يَشهَدْ فإنْ قُلْنا: إنَّه يَجِبُ الإشهادُ، ضَمِن؛ لأنَّه فرَّط، وإنْ قُلْنا: لا يَجِبُ، لَم يَضمَنْ؛ لأنَّه لَم يُفَرِّطْ.


(١) «المعونة» (٢/ ٢٠٧، ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>