للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّوكيلَ بالِاستِقراضِ لا يَجوزُ؛ فإنَّ المُستَقرِضَ يَلتزِمُ بَدَلَ القَرضِ في ذِمَّتِه، ولو قالَ: بِعْ شَيئًا مِنْ مالِكَ على أنْ يَكونَ ثَمَنُه لي، لا يَصلُحُ، فكَذلك إذا قالَ: التَزِمِ العَشَرةَ في ذِمَّتِكَ على أنْ يَكونَ عِوَضُه لي، وكانَ التَّوكيلُ بالِاستِقراضِ قِياسَ التَّوكيلِ، فكانَ باطِلًا، والعَشَرةُ لِلوَكيلِ، وله أنْ يَمنَعَها مِنْ الآمِرِ، وإنْ هَلَكَتْ مِنْ مالِه، وليسَ هذا الخِلافُ مِنه لِلآمِرِ.

وإنْ كانَ قالَ: استَقرِضْ لي، ما بينَا أنَّ التَّوكيلَ لَم يَصلُحْ، فاستِقراضُه لِنَفْسِه ولِغيرِه في الحُكمِ سَواءٌ، وهذا تَقييدٌ غيرُ مُفيدٍ؛ فلا يَكونُ مُعتبَرًا.

قالَ: وإنْ كانَ قالَ له صاحِبُ الثَّوبِ: قُلْ لِفُلانٍ يُقرِضُني وأعطِه هذا الثَّوبَ برِسالَتي رَهنًا عَنّيِ، فأضافَ الوَكيلُ العَقدَ إلى نَفْسِه، كانَ مُخالِفًا ضامِنًا لِلثَّوبِ، ولا يَجوزُ رَهْنُه؛ لأنَّ صاحِبَ الثَّوبِ جعَله رَسولًا وَكيلًا هُنا، فيَكونُ ذلك إذْنًا مِنه له في إضافةِ العَقدِ إلى نَفْسِه (١).

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: تَجوزُ الوَكالةُ في عَقدِ الرَّهنِ وقَبضِه وإقباضِه (٢).

وقالَ ابنُ هُبَيرةَ : واختَلَفوا فيما إذا وكَّل وَكيلًا في بَيعِ الرَّهنِ، ثم عزَله. فقالَ الشَّافِعيُّ وأحمَدُ: له ذلك. وقالَ أبو حَنيفةَ: ليسَ ذلك إليه، إذا كانَ التَّوكيلُ في الرَّهنِ نَفْسِه، فأمَّا إذا وكَّله في البَيعِ بعدَ تَمامِ الرَّهنِ فله عَزلُه. وقالَ مالِكٌ: له عَزلُه على الإطلاقِ (٣).


(١) «المبسوط» (١٩/ ٧٧، ٧٩).
(٢) «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٠)، و «البيان» (٦/ ٣٩٦)، وباقي المصادر السابقة.
(٣) «الإفصاح» (١/ ٤١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>