للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا عن الرِّبا الذي واقَعَه في بَيعِه الصَّاعَ بالصَّاعَيْنِ، دَلَّ ذلك على أنَّه إذا باعَ على السُّنَّةِ فبَيعُه جائِزٌ (١).

وقالَ ابنُ رُشدٍ : شَرطُ مَحَلِّ التَّوكيلِ أنْ يَكونَ قابِلًا لِلنِّيابةِ مثلَ البَيعِ … والمُصارَفةِ (٢).

وقالَ الحَنفيَّةُ: إذا تَصارَفَ الوَكيلانِ لَم يَنبَغِ لهما أنْ يَفتَرِقا حتى يَتقابَضا، كما لو باشَرا العَقدَ لِنَفْسَيْهِما؛ لأنَّ حُقوقَ العَقدِ تَتعلَّقُ بالعاقِدِ، ولا يَختلِفُ في ذلك مُباشَرَتُه لِغيرِه، ومُباشَرَتُه لِنَفْسِه، ألَا تَرَى أنَّه يَستَغنِي عن إضافةِ العَقدِ إلى غيرِه، ولا يَضُرُّهُما غَيبةُ المُوكِّلينَ؛ لأنَّهما مِنْ حُقوقِ العَقدِ كَسائِرِ الأجانِبِ، فإنْ فارَقَ الوَكيلُ صاحِبَه قبلَ القَبضِ بطَل العَقدُ؛ لِوُجودِ الِافتِراقِ مِنْ غيرِ قَبضٍ.

ولا تُعتبَرُ مُفارَقةُ المُوكِّلِ؛ لأنَّه ليسَ بعاقِدٍ، والمُستحَقِّ بالعَقدِ قَبْضُ العاقِدِ، وهو الوَكيلُ، فيَصحُّ قَبضُه، وإنْ كانَ لا يَتعلَّقُ به الحُقوقُ، كالصَّبِيِّ والعَبدِ المَحجورِ عليه، بخِلافِ الرَّسولِ؛ لأنَّ الرِّسالةَ في العَقدِ، لا في القَبضِ، ويَنتقِلُ كَلامُه إلى المُرسِلِ، فصارَ قَبضُ الرَّسولِ قَبضَ غيرِ العاقِدِ، فلَمْ يَصحَّ، قالَ الحَدَّاديُّ: قالَ في «شَرحِهِ»: لا يَصحُّ التَصرُّفُ بالرِّسالةِ؛ لأنَّ حُقوقَ العَقدِ لا تَتعلَّقُ بالرَّسولِ، وإنَّما تَتعلَّقُ بالمُرسِلِ، وهُما مُفتَرِقانِ في حالةِ العَقدِ؛ فلِهذا لَم يَجُزْ، قالَ في المُستَصفَى: قَولُه: ولا يُعتبَرُ مُفارَقةُ


(١) «شرح ابن بطال» (٦/ ٤٣٦، ٤٣٧).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>