آنيةً مُمَوَّهةً بالذَّهَبِ، فقالَ له: اذهَبْ فبِعْها. فباعَها مِنْ يَهوديٍّ بضِعفِ وَزْنِها، فقالَ له عُمَرُ: ارْدُدْه. فقالَ له اليَهوديُّ: أزيدُكَ. فقالَ له عُمَرُ: لا، إلَّا بوَزْنهِ».
وأمَّا تَعليقُ ابنِ عُمرَ فوَصَلَه سَعيدُ بنُ مَنصورٍ أيضًا مِنْ طَريقِ الحَسَنِ بنِ سَعدٍ، قالَ: «كانَتْ لي عندَ ابنِ عُمرَ دَراهِمُ، فأصَبتُ عندَه دَنانيرَ، فأرسَلَ مَعي رَسولًا إلى السُّوقِ، فقالَ: إذا قامَتْ على سِعرِها فاعرِضْها عليه؛ فَإنْ أخَذَها وإلَّا فاشتَرِ له حَقَّه، ثم: اقْضِه إيَّاهُ».
مُطابَقَتُهُ -أي: الحَديثِ- لِلتَّرجَمةِ مِنْ حيثُ إنَّه ﷺ قالَ لِعامِلِ خَيبَرَ: «بِعِ الجَمْعَ بالدَّراهِمِ، ثم ابتَعْ». أي: اشتَرِ بالدَّراهِمِ جَنيبًا، وهذا تَوكيلٌ في البَيعِ والشِّراءِ، وبَيعُ الطَّعامِ بالطَّعامِ يَدًا بيَدٍ مِثلُ الصَّرفِ سَواءٌ، وهو شِبْهُهُ في المعنَى، ويَكونُ بَيعُ الدِّرهَمِ بالدِّرهَمِ، والدِّينارِ بالدِّينارِ كَذلك؛ إذْ لا قائِلَ بالفَصلِ (١).
وقالَ ابنُ بَطَّالٍ ﵀: التَّرجَمةُ صَحيحةٌ، وبَيعُ الطَّعامِ بالطَّعامِ يَدًا بيَدٍ مِثلُ الصَّرفِ سَواءٌ، وهو شَبيهُه في المعنَى، فلِذلك تَرجَمَ لِهذا الحَديثِ في بابِ الوَكالةِ في الصَّرفِ، وإنَّما صَحَّتِ الوَكالةُ في هذا الحَديثِ لِقَوله ﷺ لِعامِلِ خَيبَرَ: «بِعِ الجَمْعَ بالدَّراهِمِ»، بعدَ أنْ كانَ باعَ على غيرِ السُّنَّةِ، فلَو لَم يَجُزْ بَيعُ الوَكيلِ والنَّاظِرِ في المالِ لَعرَّفه ﷺ بذلك، ولَأعلَمَه أنَّ بَيعَه مَردودٌ، وإنْ وقَع على السُّنَّةِ، فلمَّا لَم يَنْهَ النَّبيُّ
(١) «عمدة القاري» (١٢/ ١٣٠، ١٣١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute