في تَثبيتِ هذه الوَصِيَّةِ، أو في مُخاصَمةِ هذا المُدَّعِي، فتَصحُّ الوَكالةُ خُصوصًا في المَأْذونِ فيه دونَ غيرِه، وهذا ما وافَقَ عليه أبو حَنيفةَ، وإنْ خالَفَ في الوَصِيَّةِ؛ فإنَّ أبا حَنيفةَ يَجعَلُ الوَصِيَّ في شَيءٍ وَصيًّا في كلِّ شَيءٍ، ولا يَجعَلُ الوَكيلَ في شَيءٍ وَكيلًا في كلِّ شَيءٍ، وعندَ الشَّافِعيِّ أنَّهما سَواءٌ في أنَّ عَملَهُما مَقصورٌ على المَأْذونِ فيه دونَ غيرِه.
والضَّربُ الآخَرُ: ألَّا يَصيرَ العُمومُ بما ذكَره مِنْ التَّخصيصِ مَعلومًا، فالوَكالةُ فيه باطِلةٌ، كقولِه: قَدْ وَكَّلتُكَ في شَرْيِ ما رَأيتَ بكُلِّ قَليلٍ وكَثيرٍ مِنْ مالي؛ لأنَّ جِنسَ ما يَشتَريه بمالِه لا يَصيرُ مَعلومًا، فبطَلتِ الوَكالةُ فيه. وهَكذا لو قالَ: اشتَرِ لي بهذا الألْفِ ما رَأيتَ مِنْ العُروضِ، أو ما عَلِمْتَ فيه حَظًّا مِنْ الإبراءِ، كانَتِ الوَكالةُ فيه باطِلةً إلَّا أنْ يَكونَ مَقصودُه طَلبَ الرِّبحِ دونَ التَّمليكِ، فيَجوزَ، كالمُضارَباتِ، فإنْ قيلَ: أليسَ لو دفَع في المُضارَبةِ مالًا يَشتَري به العامِلُ ما رَأَى فيه صَلاحًا جازَ؟ فهَلَّا جازَ مِثلُه في الوَكالةِ؟ قيلَ: الفَرقُ بينَهما أنَّ المَقصودَ في المُضارَبةِ طَلَبُ الرِّبحِ، فلا يُؤثِّرُ فيه اختِلافُ الأجناسِ، فكانَ المَقصودُ مَعلومًا، فصَحَّ. والمَقصودُ في الوَكالةِ