وَيَنبَغي التَّنبُّهُ لِذلك؛ فإنَّه يَقَعُ كَثيرًا في الوَكالةِ، ويُثبِتُها القُضاةُ، ولا يَنتَبِهونَ لِذلك، أمَّا لو قالَ: بِعْ هذا العَبدَ بما شِئتَ مِنْ الأثمانِ، قَليلِها وكَثيرِها؛ فإنَّه يَصحُّ، وكَأنَّه وَطَّنَ نَفْسَه على أقَلِّ شَيءٍ، فلا غَرَرَ فيه، أمَّا فَسادُ الوَكالةِ بالكلِّيَّةِ فلا يَظهَرُ (١).
وقالَ الماوَرديُّ ﵀: وأمَّا الشَّرطُ الثَّاني -وهو ذِكرُ ما وُكِّلَ فيه- فيَنقَسِمُ إلى ثَلاثةِ أقسامٍ، كما يلي:
قِسمٌ يَكونُ عامًّا في الأحوالِ كلِّها، وقِسمٌ يَكونُ خاصًّا في حالٍ بعَينِها، وقِسمٌ يَكونُ عامًّا في وَجهٍ، وخاصًّا في وَجهٍ.
فأمَّا القِسمُ الأوَّلُ: وهو العامُ في الأحوالِ كلِّها، فصُورَتُه أنْ يَقولَ: قَدْ وَكَّلتُكَ في كلِّ شَيءٍ، أو قَدْ وَكَّلتُكَ بكُلِّ قَليلٍ وكَثيرٍ، أو قَدْ وَكَّلتُكَ في فِعلِ ما رَأيتَه صَلاحًا في مالي، فهذه وكالةٌ باطِلةٌ؛ لِلجَهلِ بها، ولِمُضادَّةِ الِاحتِمالِ فيها؛ لأنَّه قَدْ يُحتمَلُ التَّوكيلُ في حِفظِ القَليلِ والكَثيرِ، ويُحتمَلُ بَيعُ القَليلِ والكَثيرِ، وهُما ضِدَّانِ مُتَبايِنانِ، فبطَلتِ الوَكالةُ مِنْ أجْلِه.
وأمَّا القِسمُ الثَّاني: وهو الخاصُّ في حالٍ بعَينِها، فصُورَتُه أنْ يَقولَ: قَدْ وَكَّلتُكَ في بَيعِ هذا العَبدِ، أو في شِراءِ هذه الدَّارِ، أو في اقتِضاءِ هذا الدَّيْنِ، أو
(١) «المهذب» (١/ ٣٥٠)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٣، ٤٩٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٩٩، ٢٠١)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٦، ٣٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٩، ٣٠)، و «الديباج» (٢/ ٣٠٨)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٤٩، ٨٥٠)، و «إعانة الطالبين» (٣/ ١٦٩، ١٧٠).