وإنْ وكَّله في شِراءِ رَقيقٍ، وجَب مَع بَيانِ النَّوعِ ذِكْرُ الذُّكورةِ والأُنوثةِ، تَقليلًا لِلغَرَرِ؛ فإنَّ الأغراضَ تَختلِفُ بذلك، ولو قالَ: اشتَرِ لي عَبدًا كما تَشاءُ، لَم تَصِحَّ؛ لِكَثرةِ الغَرَرِ.
وإنْ وكَّله في شِراءِ دارٍ وجَب بَيانُ المَحَلَّةِ -أي: الحارةِ-، والسِّكةِ -أي: الزُّقاقِ-، ووجَب العِلمُ بالبَلَدِ ونحوِها مِنْ ضَرورةِ ذلك.
وفي شِراءِ الحانوتِ يُبيِّنُ السُّوقَ؛ لِيَقِلَّ الغَرَرُ، وقِسْ على ذلك.
ولو وكَّله أنْ يُزوِّجَه امرَأةً ولَم يُعيِّنْها، لَم يَصحَّ التَّوكيلُ، بخِلافِ ما لو قالَ: زوِّجْنِي مَنْ شِئتَ؛ فإنَّه يَصحُّ، كما في الوَكالةِ، بشِراءِ عَبدٍ لَم يَصِفْه، بخِلافِ الأوَل؛ فإنَّه مُطلَقٌ، ودِلالةُ العامِّ على إفرادِه ظاهِرةٌ، بخِلافِ المُطلَقِ، لا دِلالةَ له على فَردٍ.
ولا يَجِبُ بَيانُ قَدْرِ الثَّمَنِ في الأصَحِّ، فيما ذُكِرَ؛ لأنَّ غَرَضَه قَدْ يَتعلَّقُ بواحِدٍ مِنْ ذلك النَّوعِ، نَفيسًا كانَ أو خَسيسًا.
والثَّاني: يَجِبُ بَيانُ قَدْرِه، كَمِئةٍ، أو غايَتِه، كَأنْ يَقولَ: مِنْ مِئةٍ إلى ألْفٍ؛ لِظُهورِ التَّفاوُتِ.
هذا كلُّه إذا قصَد القِنيةَ، أمَّا إذا كانَ لِلتِّجارةِ فلا يَجِبُ فيه ذِكْرُ نَوعٍ ولا غيرِه، بَلْ يَكفِي: اشتَرِ ما شِئتَ مِنْ العُروضِ، أو ما فيه حَظٌّ ومَصلَحةٌ.
ولو قالَ: اشتَرِ لي عَبدًا تُركيًّا صِفَتُه كذا، بما شِئتَ، فيَنبَغي تَقييدُه بثَمَنِ المِثلِ؛ لأنَّ تَجويزَ الزِّيادةِ على ذلك غَرَرٌ، كالوَكالةِ العامَّةِ، وكذا لو قالَ: بما شِئتَ مِنْ ثَمَنِ المِثلِ، وأكثَرَ، لا يُسمَعُ مِنه.