وذَهبَ الشَّافِعيَّةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ والحَنابِلةُ في قَولٍ إلى أنَّه يَصحُّ ويَكفي حُصولُ المِلْكِ عندَ التَصرُّفِ، والخِلافُ عائِدٌ إلى أنَّ الِاعتِبارَ بحالِ التَّوكيلِ، أو بحالِ التَصرُّفِ.
نَعم، لو جعَل ما لا يَملِكُه تَبَعًا لِمَا يَملِكُه، كَتَوكيلِه ببَيعِ عَبدِه، وما سَيَملِكُه، ففيه احتِمالانِ لِلرَّافِعيِّ، والمَنقولُ عن الشَّيخِ أبي حامِدٍ وغيرِه الصِّحَّةُ، كما لو وقَف على وَلَدِه المَوجودِ، ومَن سَيَحدُثُ له مِنْ الأولادِ.
ولو وكَّله ببَيعِ عَينٍ يَملِكُها، وأن يَشتَريَ له بثَمَنِها كذا، فأشهَرُ القولَيْنِ صِحَّةُ التَّوكيلِ بالشِّراءِ.
ولو قالَ: وَكَّلتُكَ في مُخاصَمةِ كلِّ خَصْمٍ يَتجدَّدُ لي، فوَجهانِ: فذهَب البَصريُّونَ إلى بُطلانِها، والبَغداديُّونَ إلى صِحَّتِها، ونقَل ابنُ الصَّلاحِ الصِّحَّةَ فيما إذا وُكِّلَ ببَيعِ ثَمَرةٍ قبلَ ظُهورِها؛ لأنَّه مالِكٌ لِأصْلِها (١).
قالَ الحَنابِلةُ: لا تَصحُّ الوَكالةُ في بَيعِ ما سَيَملِكُه، أو في طَلاقِ مَنْ سيَتَزوَّجُها؛ لأنَّ المُوكِّلَ لا يَملِكُه حينَ التَّوكيلِ، وإنْ قالَ: إنْ تَزوَّجتُ فُلانةَ فقَد وَكَّلتُكَ في طَلاقِها، لَم يَصحَّ، بخِلافِ: إنِ اشترَيتُ فُلانًا فقَد وَكَّلتُكَ في عِتقِهِ؛ لأنَّه يَصحُّ تَعليقُه على مِلْكِه، بخِلافِ إنْ تَزوَّجتُ فُلانةَ فقَد وَكَّلتُكَ في طَلاقِها.
(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٤٨٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٩٦)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٠)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٤)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٢٦٠)، و «الديباج» (٢/ ٣٠٥)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٤٦)، و «إعانة الطالبين» (٣/ ١٦٣).