للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بينَ الثَّمَنَ، أو لَم يُبيِّنْ، كما لو وكَّله بشِراءِ ثَوبٍ أو دَابَّةٍ أو نحوِ ذلك.

والثَّانيةُ: جَهالةٌ يَسيرةٌ: وهي ما كانَتْ في النَّوعِ المَحضِ، كما لو وكَّله بشِراءِ فَرَسٍ أو حِمارٍ أو ثَوبٍ هَرَويٍّ أو مَرويٍّ أو نحوِ ذلك؛ فإنَّه تَجوزُ الوَكالةُ به، وإنْ لَم يُبيِّنِ الثَّمَنَ، وقالَه بِشرٌ، لا تَجوزُ، والحُجَّةُ عليه ما رُوِيَ أنَّه «وكَّل حَكيمَ بنَ حِزامٍ بشِراءِ شاةٍ لِلأُضحيَّةِ»، ولأنَّ جَهالةَ النَّوعِ لا تُخِلُّ بالمَقصودِ، ويُمكِنُ دَفْعُها بصَرفِ التَّوكيلِ إلى ما يَليقُ بحالِ المُوكِّلِ حتى لو أنَّ عاميًّا وكَّل رَجُلًا بشِراءِ فَرَسٍ فاشترَى فَرَسًا يَصلُحُ لِلمُلوكِ لا يَلزَمُه.

والثَّالثةُ: جَهالةٌ بينَ النَّوعِ والجِنسِ: كما لو وكَّله بشِراءِ عَبدٍ أو جاريةٍ، إنْ بينَ الثَّمنَ أوِ النَّوعَ، بأنْ قالَ: عَبدًا تُركيًّا أو حَبَشيًّا، أو نحوَ ذلك، جازَتِ الوَكالةُ، وإنْ لَم يُبيِّنْ واحِدًا مِنهُما لَم تَجُزْ؛ لأنَّه ببَيانِ الثَّمَنِ يُعلَمُ مِنْ أيِّ نَوعٍ يُريدُ، وبِبَيانِ النَّوعِ يُعلَمُ ثَمَنُه، فتَبقَى الجَهالةُ بعدَ ذلك يَسيرةً، وهي لا تَمنَعُ صِحَّةَ الوَكالةِ، بخِلافِ ما إذا كانَتِ الجَهالةُ في الجِنسِ، حيثُ تَمنَعُ صِحَّةَ الوَكالةِ، وإنْ بينَ الثَّمَنَ؛ لأنَّه بذلك القَدْرِ مِنْ الثَّمَنِ يُوجَدُ مِنْ كلِّ نَوعٍ، فلا يُفيدُ المَعرِفةَ (١).

وذهَب المالِكيَّةُ إلى أنَّه يُشترَطُ في المُوكَّلِ فيه أنْ يَكونَ مَعلومًا بالنَّصِّ، أو القَرينةِ، أو العادةِ، فلَو قالَ: وَكَّلتُكَ، لَم يُفِدْ حتى يُقيِّدَه بالتَّفويضِ، أو بأمْرٍ مَخصوصٍ.


(١) «تبيين الحقائق» (٤/ ٢٥٨، ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>