للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك لخِفةِ أمرِه، وأنَّه ليسَ فيه إِضاعةُ المالِ، وسائِرُ المائِعاتِ خِلافُه (١).

قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : مَذهبُ مالِكٍ عندَ أَصحابِه اليَومَ أنَّ الكَلبَ طاهِرٌ وأنَّ الإناءَ يُغسلُ منه سَبعًا عِبادةً، ولا يُهرقُ شَيءٌ مما ولَغَ فيه غيرُ الماءِ وَحدَه ليَسارةِ مُؤنَتِه وأنَّ مَنْ تَوضَّأ به إذا لم يَجدْ غيرَه أجزَأَه وأنَّه لا يَجوزُ التَّيممُ لمَن كان معه ماءٌ ولَغَ فيه كَلبٌ، وأنَّه لم يَدرِ ما حَقيقةُ هذا الحَديثِ.

واحتُجَّ بأنَّه يُؤكلُ صَيدُه فكيف يُكرهُ لُعابُه، وقالَ مع هذا كلِّه لا خَيرَ فيما ولَغَ فيه كَلبٌ، ولا يُتوضَّأُ به، أحَبُّ إليَّ، هذا كلُّه رَوى ابنُ القاسِمِ عنه.

وقد رَوى عنه ابنُ وَهبٍ أنَّه لا يَتوضَّأُ بماءٍ ولَغَ فيه كَلبٌ، ضاريًا كانَ الكَلبُ أو غيرَ ضارٍ ويُغسلُ الإناءُ منه سَبعًا.

وقد كانَ مالِكٌ في أولِ أمرِه يُفرِّقُ بينَ كَلبِ البادِيةِ وغيرِه في ذلك ثم رجَعَ إلى ما ذكَرتُ لك.

فتَحصيلُ مَذهبِ مالِكٍ أنَّ التَّعبدَ إنَّما ورَدَ في غَسلِ الإناءِ الطاهِرِ من وُلوغِ الكَلبِ خاصَّةً من بينِ سائِرِ الطاهِراتِ، وشبَّهَه أَصحابُنا بأَعضاءِ الوُضوءِ الطاهِرةِ تُغسلُ عِبادةً (٢).


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (١/ ١٦٠، ١٦٥)، و «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (١/ ٢٦٧)، و «الكافي» لابن عبد البر (١/ ١٨)، و «الشرح الصغير مع بلغة السالك» (١/ ٣١)، و «بداية المجتهد» (١/ ٢١)، و «تفسير القرطبي» (١٣/ ٤٥).
(٢) «الاستذكار» (١/ ٢٠٦)، و «التمهيد» (١٨/ ٢٦٥، ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>