وإذا ثَبَتَ أنَّ الجَهالةَ القَليلةَ غيرُ مانِعةٍ، ففي كلِّ مَوضِعٍ قَلَّتِ الجَهالةُ صَحَّ التَّوكيلُ بالشِّراءِ، وإلَّا فلا. فيُنظَرُ إنْ كانَ اسمُ ما وقَع التَّوكيلُ بشِرائِه ممَّا يَقَعُ على أنواعٍ مُختَلِفةٍ لا يَجوزُ التَّوكيلُ به، إلَّا بعدَ بَيانِ النَّوعِ، وذلك نحوَ أنْ يَقولَ: اشتَرِ لي ثَوبًا؛ لأنَّ اسمَ الثَّوبِ يَقَعُ على أنواعٍ مُختَلِفةٍ مِنْ ثَوبِ الْإِبْرَيْسَمِ والقُطنِ والكَتَّانِ، وغيرِها، فكانَتِ الجَهالةُ كَثيرةً، فمَنعَتْ صِحَّةَ التَّوكيلِ، فلا يَصحُّ، وإنْ سمَّى الثَّمَنَ؛ لأنَّ الجَهالةَ بعدَ بَيانِ الثَّمَنِ مُتَفاحِشةٌ، فلا تَقِلُّ إلَّا بذِكرِ النَّوعِ، بأنْ يَقولَ: اشتَرِ لي ثَوبًا هَرَوِيًّا؛ فَإنْ سَكَتَ عنه كَثُرَتِ الجَهالةُ، فلَمْ يَصحَّ التَّوكيلُ.
وكذا إذا قالَ: اشتَرِ لي حَيَوانًا، أو قالَ: اشتَرِ لي دَابَّةً أو أرضًا أو مَملوكًا أو جَوهَرًا أو حُبوبًا؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنها اسمُ جِنسٍ، يَدخُلُ تَحتَه أنواعٌ مُختَلِفةٌ، فلا بدَّ مِنْ ذِكرِ النَّوعِ، بأنْ يَقولَ: ثَوبًا هَرَويًّا؛ فإذا سَكَتَ عنه كَثُرَتِ الجَهالةُ، فلَمْ يَصحَّ التَّوكيلُ.
وكذا إذا قالَ: اشتَرِ لي دارًا، لا يَصحُّ؛ لأنَّ بينَ الدَّارِ والدَّارِ تَفاوُتًا فاحِشًا؛ فَإنْ عيَّن الدَّارَ يَجوزُ، وإنْ لَم يُعيِّنْ، ولكنَّه بينَ الثَّمَنَ، جازَ أيضًا، ويَقَعُ على دُورِ المِصرِ الذي وقَع فيه الوَكيلُ؛ لأنَّ الجَهالةَ تَقِلُّ بعدَ بَيانِ الثَّمَنِ.
وَرُوِيَ عن أبي يُوسفَ أنَّه لا يَصحُّ التَّوكيلُ بعدَ بَيانِ الثَّمَنِ حتى يُعيِّنَ مِصرًا مِنْ الأمصارِ، ولو قالَ: اشتَرِ لي دارًا في مَوضِعِ كذا، أو حَبَّةَ لُؤلُؤٍ أو اشتَرِ لي ياقوتًا أحمَرَ، ولَم يُسَمِّ الثَّمَنَ، لا يَجوزُ؛ لأنَّ التَّفاوُتَ مُتَفاحِشٌ،