للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبعًا واحِدةٌ منهُنَّ بالتُّرابِ مع الماءِ، فكأنَّ التُّرابَ قائِمٌ مَقامَ غَسلةٍ فسُمِّيت ثامِنةً لهذا، واللهُ أعلَمُ.

واعلَمْ أنَّه لا فَرقَ عندَنا بينَ وُلوغِ الكَلبِ وغيرِه من أجزائِه، فإذا أصابَ بَولُه أو رَوثُه أو دَمُه أو عَرقُه أو شَعرُه أو لُعابُه أو عُضوٌ من أَعضائِه شَيئًا طاهِرًا في حالِ رُطوبةِ أحدِهما وجَبَ غَسلُه سَبعَ مَراتٍ إحداهُنَّ بالتُّرابِ (١).

وقالَ الزَّيلَعيُّ : والأمرُ بالإِراقةِ دَليلُ التَّنجسِ، وأقوى منه قَولُه : «طَهورُ إناءِ أحدِكم إذا ولَغَ فيه الكَلبُ أنْ يَغسلَه سَبعًا» فهذا يُفيدُ النَّجاسةَ؛ لأنَّ الطَّهورَ مَصدرٌ بمَعنى الطَّهارةِ فيَستَدعي سابِقةَ التَّنجسِ أو الحَدثِ، والثاني مُنتفٍ فيَتعيَّنُ الأولُ، ولأنَّ الأصلَ في النُّصوصِ أنْ تَكونَ مَعقولةَ المَعنى، فإذا دارَ الأمرُ بينَ كَونِه مَعقولًا وتَعبدًا كانَ جَعلُه مَعقولَ المَعنى أَولى؛ لنُدرةِ التَّعبدِ وكَثرةِ التَّعقلِ (٢).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : لا يَختلفُ المَذهبُ في نَجاسةِ الكَلبِ والخِنزيرِ وما تَولَّدَ منهما إذا أصابَت غيرَ الأرضِ أنَّه يَجبُ غَسلُها سَبعًا إحداهُنَّ بالتُّرابِ سَواءٌ أكانَ من وُلوغِه أو غيرِه لمَا رُويَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «إذا ولَغَ الكَلبُ في إناءِ أحدِكم فليَغسِلْه سَبعًا إحداهُنَّ بالتُّرابِ» مُتَّفقٌ عليه، ولمُسلمٍ: «أُولاهُنَّ بالتُّرابِ» (٣).


(١) «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١٥٣).
(٢) «تبيين الحقائق» (١/ ٣٢)، و «البناية شرح الهداية» (١/ ١٨٤)، و «عمدة القاري» (٣/ ١٨).
(٣) «الكافي» (١/ ٨٩)، و «المغني» (١/ ٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>