للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليَغسِلْه سَبعَ مِرارٍ» وفي رِوايةٍ: «طَهورُ إناءِ أحدِكم إذا ولَغَ فيه الكَلبُ أنْ يَغسلَه سَبعَ مَراتٍ أُولاهُنَّ بالتُّرابِ» (١).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : والدِّلالةُ من الحَديثِ الأولِ ظاهِرةٌ؛ لأنَّه لو لم يَكنْ نَجسًا لَمَا أمَرَ بإِراقَتِه؛ لأنَّه يَكونُ حينَئذٍ إِتلافَ مالٍ، وقد نُهينا عن إِضاعةِ المالِ، ومن الحَديثِ الثاني ظاهِرةٌ أيضًا؛ فإنَّ الطَّهارةَ تَكونُ من حَدثٍ أو نَجسٍ، وقد تعذَّرَ الحَملُ هنا على طَهارةِ الحَدثِ فتَعيَّنت طَهارةُ النَّجسِ (٢).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ أيضًا: وفيه -أي: الحَديثِ- وُجوبُ غَسلِ نَجاسةِ وُلوغِ الكَلبِ سَبعَ مَراتٍ، وهذا مَذهبُنا ومَذهبُ مالِكٍ وأحمدَ والجَماهيرِ، وقالَ أبو حَنيفةَ: يَكفي غَسلُه ثَلاثَ مَراتٍ، واللهُ أعلَمُ، وأمَّا الجَمعُ بينَ الرِّواياتِ فقد جاءَ في رِوايةٍ: «سَبعَ مَراتٍ»، وفي رِوايةٍ: «سَبعَ مَراتٍ أُولاهُنَّ بالتُّرابِ»، وفي رِوايةٍ «أُخراهُنَّ أو أُولاهُنَّ»، وفي رِوايةٍ «سَبعَ مَراتٍ السابِعةُ بالتُّرابِ»، وفي رِوايةٍ: «سَبعَ مَراتٍ وعَفِّروه الثامِنةَ بالتُّرابِ»، وقد رَوى البَيهَقيُّ وغيرُه هذه الرِّواياتِ كلَّها وفيها دَليلٌ على أنَّ التَّقييدَ بالأُولى وبغيرِها ليسَ على الاشتِراطِ، بل المُرادُ إحداهُنَّ، وأمَّا رِوايةُ «وعَفِّروه الثامِنةَ بالتُّرابِ» فمَذهبُنا ومَذهبُ الجَماهيرِ أنَّ المُرادَ اغسِلوه


(١) رواه مسلم (٢٧٩).
(٢) «المجموع» (٢/ ٥٢٣)، و «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١٥٣)، و «الحاوي الكبير» (١/ ٣٠٤، ٣٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>