للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَستحقُّ شَيئًا إلَّا بتَمامِ العَملِ، شابَهَتِ الجَعالةَ، ولمَّا كانَ إذا ترَك الأوَّلُ، وأكمَلَ غيرُه العَملَ، يَكونُ لِلأوَل بحِسابِه، لا بنِسبةِ الثَّاني، شابَهَتِ الإجارةَ، ولا يَجوزُ اشتِراطُ النَّقدِ في تلك الحالةِ؛ لِتَردُّدِ المَنقودِ بينَ السَّلَفيَّةِ والثَّمَنيَّةِ.

تَنبيهٌ: عُلِمَ ممَّا قَرَّرْنا أنَّ مَوضوعَ كَلامِ المُصنِّفِ فيما إذا تَعاقَدَ على شَرطِ حُصولِ البُرءِ، وأمَّا الاستِئجارُ على المُداواةِ في زَمَنِ المَرَضِ فعلى ثَلاثةِ أقسامٍ هي:

قِسمٌ يَجوزُ باتِّفاقٍ، وهو استِئجارُه على مُداواتِه مُدَّةً مَعلومةً بأُجرةٍ مَعلومةٍ، فإنْ تَمَّتِ المُدَّةُ وبَرِئَ، أو لَم يَبرَأْ فله الأُجرةُ كلُّها، وإنْ بَرِئَ في نِصفِ الأجَلِ فله نِصفُ الأُجرةِ، والدَّواءُ مِنْ عِنْدِ العَليلِ، ولا يَجوزُ اشتِراطُ النَّقدِ في تلك الحالةِ؛ لِاحتِمالِ البُرءِ في أثناءِ المُدَّةِ، فتَكونُ سَلَفًا.

وَقِسَمانِ فيهِما خِلافٌ:

أحَدُهما: أنْ يُعاقِدَه على أنْ يُداويَه مُدَّةً مَعلومةً، والمَسألةُ بحالِها، إلَّا أنَّ الدَّواءَ مِنْ عِنْدِ الطَّبيبِ، فقيلَ: يَجوزُ، وقيلَ: لا يَجوزُ؛ لِمَا فيها مِنْ اجتِماعِ الجُعلِ والبَيعِ.

وَالآخَرُ: أنْ يَقولَ له: أُعاقِدُكَ بكذا على عِلاجِ هذا المَريضِ حتى يَبرَأَ، فإنْ بَرِئَ كانَ له الجُعلُ، وإنْ لَم يَبرَأْ فلا شَيءَ له، ويَكونُ الدَّواءُ مِنْ عِنْدِ الطَّبيبِ، فقيلَ: يَجوزُ، وقيلَ: لا يَجوزُ؛ لِمَا فيه مِنْ الغَرَرِ (١).


(١) «الفواكه الدواني» (٢/ ١١٥)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٢٥٦)، و «الثمر الداني» (٥٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>