المَجعولُ له العَملَ؛ فالإجارةُ أعَمُّ مِنه، والجُعلُ أخَصُّ مِنها؛ فكلُّ مَوضِعٍ جازَتْ فيه الإجارةُ لا يَلزَمُ أنْ يَجوزَ فيه الجُعلُ؛ إذ لا يَلزَمُ مِنْ وُجودِ الأعَمِّ وُجودُ الأخَصِّ؛ فلا يَلزَمُ مِنْ وُجودِ الحَيَوانيَّةِ وُجودُ الناطِقيَّةِ.
وقالَ التُّسُوليُّ ﵀ في «البَهجةُ في شَرحِ التُّحفةِ»: في كلِّ ما جازَ فيه الإجارةُ بلا عَكسٍ … إلخ. وهذا واضِحٌ على المَشهورِ مِنْ أنَّ ما تَبْقَى فيه مَنفعةٌ لِلجاعِلِ بعدَ التَّركِ لا تَصحُّ فيه الجَعالةُ، وأمَّا على مُقابِلِه، وهو مَذهبُ ابنِ القاسِمِ مِنْ صِحَّةِ الجُعلِ فيما تَبْقَى فيه مَنفعةٌ لِلجاعِلِ، فيَتَساوَى الجُعلُ والإجارةُ، ولا يَنفَرِدُ أحَدُهما عن الآخَرِ بشَيءٍ.
تَنبيهانِ: الأوَّلُ: قالَ في «المُتَيْطِيَّةِ»: وكَرِهَ مالِكٌ الجُعلَ على الخُصومةِ، على أنَّه لا يَأخُذُ شَيئًا إلَّا بإدراكِ الحَقِّ؛ لأنَّه لا يُعرَفُ لِفَراغِها غايةٌ، فإنْ عمِل هذا فله أجْرُ مِثلِه. اه. وقالَ قبلَ ذلك: ويَجوزُ في أحَدِ قولَيْ مالِكٍ أنْ يُجاعَلَ الطَّبيبُ على البُرءِ، والخَصْمُ على إدراكِ الحَقِّ، وهو المَعمولُ به عندَ المُوثَّقِينِ. اه. ونَحوُه في المَجالِسِ المكناسيةِ، وما تَقدَّم في الطَّبيبِ مَحَلُّه إذا كانَ الدَّواءُ مِنْ عِنْدِ العَليلِ، وإلَّا لَم يَجُزْ؛ لأنَّه غَرَرٌ: إنْ بَرِئَ أخَذَ حَقَّهُ وإلَّا ذهَب دَواؤُه باطِلًا. قالَ ابن ناجي: وبِه حَكَمتُ، ونَظمُه في العَملِ المُطلَقِ.
الآخَرُ: مَنْ سُرِقَ له شَيءٌ أو ضاعَ له مثلًا، فالتَزَمَ رَبُّه الجُعلَ المُسمَّى