للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ النَّوَويُّ : كلُّ ما لا تَجوزُ الإجارةُ عليه مِنْ الأعمالِ لِكَونِه مَجهولًا، تَجوزُ الجَهالةُ عليه لِلحاجةِ، وما جازَتِ الإجارةُ عليه، جازَتِ الجَعالةُ أيضًا، على الصَّحيحِ. وقيلَ: لا؛ لِلِاستِغناءِ بالإجارةِ (١).

وَقَدْ أطلَقَ الرَّافِعيُّ والنَّوَويُّ صِحَّتَها مَع جَهالةِ العَملِ، لكنْ قالَ ابنُ الرِّفعةِ -تَبَعًا لِلقاضي حُسَينٍ-: هذا مَخصوصٌ بما لا يُمكِنُ ضَبطُه، وعَسُرَ عَملُه، كقولِه: مَنْ رَدَّ عَبدِي فله كذا، فأمَّا ما يُمكِنُ ضَبطُه ويَسهُلُ، كما إذا قالَ: مَنْ بَنَى لي حائِطًا فله كذا، فلا بدَّ مِنْ بَيانِ مَوضِعِ البِناءِ، وطُولِ الحائِطِ، وسُمْكِه وارتِفاعِه، وما يُبنَى به، وفي الخِياطةِ يُعتبَرُ وَصفُ الثَّوبِ والخِياطةِ؛ إذْ لا حاجةَ إلى احتِمالِ الجَهالةِ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: يَجوزُ أنْ يَكونَ العَملُ في الجَعالةِ مَجهولًا، كَخِياطةِ لَم يَصِفْها لِثَوبٍ، ورَدِّ لُقَطَةٍ لَم يُعيِّنْ مَوضِعَها؛ لأنَّ الحاجةَ تَدْعو إلى كَونِ العَملِ مَجهولًا بألَّا يُعلَمُ مَوضِعُ الضَّالَّةِ والآبِقِ، ولأنَّ العَملَ لا يَصيرُ لَازِمًا؛ فلَمْ يَجِبْ كَونُه مَعلومًا (٣).


(١) «روضة الطالبين» (٤/ ٩٠).
(٢) «الحاوي الكبير» (٨/ ٣١)، و «المهذب» (١/ ٤١١)، و «الوسيط» (٥/ ١٤٢، ١٤٣)، و «البيان» (٧/ ٤٠٧)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٩٣)، و «مغني المحتاج» (٥٤٣، ٥٤٤)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٥٣٩)، و «الديباج» (٢/ ٥٨٣)، و «كنز الراغبين مع حاشية قليوبي وعميرة» (٣/ ٣٢٥).
(٣) «المغني» (٦/ ٢٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٤٧، ٢٤٨)، و «الروض المربع» (٢/ ١٥٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٨٠، ٢٨١)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>