للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءَ في «المُدوَّنةُ الكُبرى»: وإنِ اختَلفا في انقِضاءِ مدَّةِ الإجارةِ، فقالَ ربُّ الدَّارِ وربُّ الرَّحَا: أكرَيتُكَ سَنةً، وقدِ انقَضَتِ السَّنةُ، وقالَ المُتكارِي: بلْ أكرَيتَني سَنةً، وما سَكَنتُ وما طَحَنتُ إلَّا مُنذُ شَهرَيْنِ، فانهَدَمَتِ الدَّارُ الآنَ، كانَ القولُ قَولَ المُتكارِي؛ لأنَّ المُتكاريَ يُنْكِرُ أنْ يَكونَ سكنَ أكثَرَ مِنْ شَهرَيْنِ.

قالَ ابنُ القاسِمِ : وكذلك قالَ لي مالِكٌ في المدَّةِ: إنَّ القَولَ قولُ السَّاكِنِ (١).

وقالَ مَيَّارةُ : وإنِ اختُلِفَ في أمَدِ الكِراءِ، فقالَ صاحِبُ الدَّارِ: قدِ انصَرمَ، وقالَ المُكتَرِي: لَم يَنصَرِمْ بَعدُ، فالقولُ قولُ السَّاكِنِ مع يَمينِه، إذا لَم يكُنْ بَينَهما بيِّنةٌ، وله رَدُّ اليَمينِ على ربِّ الدَّارِ (٢).

وقالَ في «البَهجة»: القولُ لِلمُكتَرِي فيما إذا اتَّفَقا على الأُجرةِ وقَدْرِ المدَّةِ، وإنَّما اختَلفا في انقِضائِها … ، واعلَمْ أنَّه لا يَتأتَّى الِاختِلافُ في انقِضاءِ المدَّةِ إلَّا بالِاختِلافِ في مَبدَئِها، ومَحَلُّ كَونِ القَولِ لِلمُكتَرِي بيَمينِه إذا أشبَهَ الآخَرَ أو لا؟ فإنْ أشبَهَ المُكرِي فقولُه بيَمينِه، وإنْ لَم يُشبِها حلَفا، ووجبَ كِراءُ المِثلِ فيما مَضَى، وإنْ وقعَ الِاختِلافُ قبلَ أنْ يَمضيَ شَيءٌ مِنْ المدَّةِ حلَفا وتَفاسَخا، ولا يُنظرُ لشَبهٍ؛ لِعَدَمِ فَواتِ المَنافِعِ، فإنْ أقامَ كلٌّ البيِّنةَ، قُدِّمتْ بيِّنةُ المُكرِي لتَقدُّمِ تارِيخِها، وهذا الحُكمُ عامٌّ في الكِراءِ والبَيعِ (٣).


(١) «المدونة الكبرى» (١١/ ٤١٥).
(٢) «شرح ميارة» (٢/ ١٦٢).
(٣) «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>