للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والآخَرُ: يَلزَمُه ما بينَ قِيمَتِه مَقطوعًا قَميصًا ومَقطوعًا قَباءً؛ لأنَّ قَطعَ القَميصِ مَأذونٌ فيه. وهَل يَجِبُ لِلأجيرِ أُجرةٌ؟ فيه وَجهانِ:

الأولُ: قالَ أبو عَلِيِّ بنُ أبي هُرَيرةَ: يَجِبُ له أُجرةُ قَطعِ ما تحَصَّلَ مِنْ قَطعِ القَباءِ لِلقَميصِ؛ لأنَّه مَأذونٌ فيه.

والآخَرُ المَنصوصُ: أنَّه لا شَيءَ لَهُ؛ لأنَّه لَم يَقطَعْه لِلقَميصِ، فهو مُتعَدٍّ في ابتِداءِ القَطعِ.

وَإذا قُلْنا: أنَّهما يَتحالَفانِ -وهو اختيارُ الشَّيخِ أبي إسحاقَ- فوَجْهُهُ: أنَّ كلَّ واحِدٍ مِنهما مدَّعٍ، ومدَّعًى عليه؛ لأنَّ الخيَّاطَ يدَّعِي الأُجرةَ، وربَّ الثَّوبِ يُنكِرُها، ولأنَّ ربَّ الثَّوبِ يدَّعي الأرشَ، والخيَّاطَ يُنكِرُه، فتَحالَفَا، كالمُتبايِعَيْنِ إذا اختَلفا في قَدْرِ الثَّمنِ.

فعلى هَذا: إذا حلَف أحَدُهما ونَكَلَ الآخَرُ كانَ الحُكمُ فيه كَما لَو قُلْنا: إنَّ القَولَ قولُ الحالِفِ، وحلَف، وإنْ حلَفا لَم يَستَحقَّ الخيَّاطُ الأُجرةَ؛ لأنَّ التَّحالُفَ يُوجِبُ رَفعَ العَقدِ، ولأنَّ الخِياطةَ مِنْ غيرِ عَقدٍ لا يُستحَقُّ لَها أُجرةٌ.

وَهَل يَجِبُ على الخيَّاطِ أرشُ القَطعِ؟ فيه قولانِ:

أحَدُهما: لا يَجِبُ عليه شَيءٌ؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ مِنهما قد نَفَى بيَمينِه ما ادُّعِيَ عليه به.

والآخَرُ: يَجِبُ عليه؛ لأنَّ التَّحالُفَ يُوجِبُ رَفعَ العَقدِ، ولأنَّ القَطعَ مِنْ غيرِ عَقدٍ يُوجِبُ الضَّمانَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>