للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على هذا الأصْلِ تُصِبْ إنْ شاءَ اللَّهُ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: إنْ قالَ الخيَّاطُ لربِّ الثَّوبِ أذِنتَ لي في تَفصيلِه قَباءً، فقالَ ربُّ الثَّوبِ: بَلْ أذِنتُ في تَفصيلِه قَميصًا، فالقولُ قولُ الخيَّاطِ، أو قالَ الخيَّاطُ: أذِنتَ في تَفصيلِه قَميصَ امرَأةٍ، فقالَ ربُّ الثَّوبِ: بَلْ أذِنتُ في تَفصيلِه قَميصَ رجُلٍ، فالقولُ قولُ الخيَّاطِ بيَمينِهِ؛ لأنَّ الأجيرَ والمُستَأجِرَ اتَّفقَا على الإذْنِ واختَلفا في صِفَتِه، فكانَ القولُ قَولَ المَأذونِ، كالمُضارِبِ إذا قالَ: أذِنتَ لي في البَيعِ نِساءً، ولأنَّهما اتَّفَقا على مِلْكِ الخيَّاطِ القَطعَ، والظَّاهِرُ أنَّه فعلَ ما ملكَه، واختَلفا في لُزومِ الغُرمِ لَه، والأصْلُ عَدَمُه.

وَلِلخيَّاطِ أُجرةُ مِثلِه؛ لأنَّه ثبَتَ وُجودُ فِعلِه المَأذونِ فيه، ولا يَستَحقُّ المُسمَّى؛ لأنَّه لا يثبُتُ بمُجرَّدِ دَعواه، ومِثلُ الخيَّاطِ صَبَّاغٌ ونَحوُه، كَصائِغٍ وغيرِه مِنْ الأُجَراءِ، اختَلفَ هو -أي: الصَّباغُ- وصاحِبُ الثَّوبِ في لَونِ الصَّبغِ، بأنْ قالَ: أذِنتَ لي في صَبغِه أسوَدَ، وقالَ ربُّ الثَّوبِ: بَلْ أذِنتُ في صَبغِه أحمَرَ ونَحوَه، فيُقبَلُ قولُ الصَّباغِ، ولَه أُجرةُ مِثلِه (٢).

وأمَّا الشافِعيَّةُ فعِندَهم تَفصيلٌ كَبيرٌ في المَسألةِ بيَّنَه العِمرانيُّ الشافِعيُّ، حَيثُ قالَ: إذا دفعَ إلى خيَّاطٍ ثَوبًا، فقَطَعَه قَباءً، فقالَ ربُّ الثَّوبِ: أمَرتُكَ أنْ تَقطَعَه قَميصًا، وقالَ الخيَّاطُ: بَلْ أمَرتَني أنْ أقطَعَه قَباءً. فقَد ذكرَها الشافِعيُّ في (اختِلافِ العِراقِيِّينَ)، ونقلَها المُزنيُّ، فقالَ: فيها قولانِ:


(١) «الاستذكار» (٧/ ٢١٤).
(٢) «المغني» (٥/ ٦٣)، و «الشرح الكبير» (٦/ ١٣١)، و «المبدع» (٥/ ١١٣)، و «الإنصاف» (٦/ ٧٩)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>