غَيرِه ما لَم يُوافِقْه عليه ربُّه، ولا بيِّنةَ لَه، وصارَ مدَّعيًا، وصارَ ربُّ الثَّوبِ مُنكِرًا لِدَعْواه، أنَّه أذِنَ له في ذلك العَملِ، فالقولُ قولُه؛ لِإجماعِهم أنَّهما لَوِ اتَّفَقا على أنَّه استَأجَرَه على عَملٍ، ثم ادَّعَى أنَّه عَمِلَه، فقالَ ربُّ المالِ: لَم يَعمَلْه، فالقولُ قولُ ربِّ العَملِ.
وقالَ الشافِعيُّ ﵀ في كِتابِ «اختِلافُ ابنِ أبي لَيلى وأبي حَنيفَةَ»: لَوِ اختَلفا في ثَوبٍ، فقالَ له ربُّه: أمَرتُكَ أنْ تَقطَعَه قَميصًا، وقالَ الآخَرُ: بَلْ قَباءً.
قالَ ابنُ أبي لَيلى ﵀: القولُ قولُ الخيَّاطِ؛ لاجتِماعِهما على القَطعِ.
وقالَ أبو حَنيفَةَ ﵀: القولُ قولُ ربِّ الثَّوبِ، قالَ: لأنَّهما قد اجتَمَعا؛ لأنَّه قد أمَرَه بالقَطعِ، فلَم يَعمَلْ له عَملَه، كَما لَوِ استَأجَرَه على حَمْلِ شَيءٍ بإجارةٍ، فقالَ: لَقَدْ حَمَلتُه، لَم يكُنْ ذلك إلَّا بإقرارِ صاحِبِه.
قالَ الشافِعيُّ ﵀: وهذا أشبَهُ القوليْنِ، وكِلاهُما مَدخولٌ.
قالَ المُزنيُّ ﵀: هو كَما قالَ الشافِعيُّ؛ لأنَّه لا خِلافَ أعلَمُه بَينَهم أنَّه مَنْ أحدَثَ حَدَثًا فيما لا يَملِكُ فإنَّه مَأخوذٌ بحَدَثِه، وأنَّ الدَّعوَى لا تَنفَعُه، والخيَّاطُ مُقِرٌّ بأنَّ الثَّوبَ لِربِّه، وأنَّه أحدَثَ حَدَثًا وادَّعَى، وإجازَتُه عليه، فإنْ أقامَ بيِّنةً على دَعواه وإلَّا حلَف صاحِبُه وضَمِنَ ما أحدَثَه في ثَوبِه.
قالَ أبو عُمرَ ﵀: المدَّعِي متى أشكَلَ أمْرُه مِنْ المدَّعَى عليه فواجِبٌ الِاعتِبارُ فيه، هَلْ هو آخِذٌ أو دافِعٌ؟ وهَل يَطلُبُ استِحقاقَ شَيءٍ على غَيرِه أو يَنفِيهِ؟ فالطَّالِبُ أبدًا مدَّعٍ، والدَّافِعُ المُنكِرُ مدَّعَى عليه، فقِفْ