قالَ مالِكٌ فيمَن دفعَ إلى الغسَّالِ ثَوبًا يَصبُغُه فصَبَغَه، فقالَ صاحِبُ الثَّوبِ: لَم آمُرْكَ بهذا الصَّبغِ، وقالَ الغسَّالُ: بَلْ أنتَ أمَرتَني بذلك، فإنَّ الغسَّالَ مُصدَّقٌ في ذلك، وإنَّ الخيَّاطَ مِثلُ ذلك، وإنَّ الصَّائِغَ مِثلُ ذلك، ويَحلِفونَ على ذلك، إلَّا أنْ يَأتوا بأمْرٍ لا يُستَعمَلونَ في مِثلِه، فلا يَجوزُ قولُهم في ذلك، ولْيَحلِفْ صاحِبُ الثَّوبِ، فإنْ ردَّها وأبَى أنْ يحلِفَ حلَف الصَّباغُ.
قالَ أبو عُمرَ ﵀: اختَلفَ العُلماءُ في هذه المَسألةِ ومِثلِها:
والأصْلُ في هذا مَعرِفةُ المدَّعِي على المدَّعَى عليه، والقولُ أبدًا عندَ جَميعِهم قولُ المدَّعَى عليه، إنْ لَم تكُنْ للمدَّعِي بيِّنةٌ.
فمَن جعلَ ربَّ الثَّوبِ مدَّعيًا، فلأنَّه قد أقرَّ بأنَّه أذِنَ للصَّباغِ في صَبغِ الثَّوبِ، ثم ادَّعَى أنَّه لَم يَعمَلْ له ما أمَرَه به، وكذلك الخيَّاطُ قد أقَرَّ له ربُّ الثَّوبِ بأنَّه أذِنَ له في قَطعِه، ثم ادَّعَى بَعدُ أنَّه لَم يَقطَعْه القَطعَ الذي أمَرَه به لِيَمضِيَ عَملُه باطِلًا.