حتى نَفَذَتْ، كانَتِ الأُجرةُ لَه، لا لِصاحِبِ الدَّارِ، وفي البَيعِ يَكونُ الثَّمنُ لِصاحِبِ المِلكِ.
وَوَجْهُ الفَرقِ على نَحوِ ما ذَكَرْنا؛ لأنَّ الإجارةَ وَردَتْ على المَنفَعةِ وهي مِلكُ المُستَأجِرِ الأولِ، فإذا أجازَ كانَ بَدَلُها لَه، فأمَّا الثَّمنُ فإنَّه بَدَلُ العَينِ، والعَينُ مِلْكُ المُؤاجِرِ، فكانَ بَدَلُها لَه، وبِالإجارةِ لا يَنفَسِخُ عَقدُ المُستَأجِرِ الأولِ، ما لَم تَمضِ مدَّةُ الإجارةِ الثَّانيةِ، فإذا مَضَتْ فإنْ كانَتْ مدَّتُهُما واحِدةً تَنقَضي المدَّتانِ جَميعًا، وإنْ كانَتْ مدَّةُ الثَّانيةِ أقَلَّ فلِلأوَّلِ أنْ يَسكُنَ حتى تَتِمَّ المدَّةُ.
وَكذلك لَو رَهَنَها المُؤاجِرُ قبلَ انقِضاءِ مدَّةِ الإجارةِ فالعَقدُ جائِزٌ فيما بَينَه وبَينَ المُرتهِنِ، مَوقوفٌ في حَقِّ المُستَأجِرِ؛ لِتَعلّقِ حَقِّه بالمُستَأجِرِ، ولَه أنْ يَحبِسَ حتى تَنقَضيَ مدَّتُه.
وعلى هذا فبَيعُ المَرهونِ مِنْ الرَّاهِنِ جائِزٌ بينَ البائِعِ والمُشتَرِي، مَوقوفٌ في حَقِّ المُرتهِنِ، ولَه أنْ يَحبِسَه حتى يَستَوفيَ مالَه، فإذا افتكَها الرَّاهِنُ يَجِبُ عليه تَسليمُ الدَّارِ إلى المُشتَرِي، كَما في الإجارةِ، إلَّا أنَّه هَهُنا إذا أجازَ المُرتهِنُ البَيعَ حتى جاءَ وسَلَّمَ الدَّارَ إلى المُشتَرِي فالثَّمنُ يَكونُ رَهنًا عندَ المُرتهِنِ، قائِمًا مَقامَ الدَّارِ؛ لأنَّ حَقَّ حَبسِ العَينِ كانَ ثابِتًا له ما دامَتْ في يَدِه، ولأنَّ بَدَلَ العَينِ قائِمٌ مَقامَ العَينِ، فثبَتَ له حَقُّ حَبسِه.
وَفَرَّقَ القُدوريُّ بينَ الرَّهنِ والإجارةِ، فقالَ في الرَّهنِ: لِلمُرتهِنِ أنْ يُبطِلَ البَيعَ، وليسَ لِلمُستَأجِرِ ذلك؛ لأنَّ حَقَّ المُستَأجِرِ في المَنفَعةِ، لا في العَينِ،