وَلَنا: أنَّ البائِعَ غيرُ قادِرٍ على تَسليمِه؛ لِتَعلّقِ حَقِّ المُستَأجِرِ به، وحَقُّ الإنسانِ يَجِبُ صيانَتُه عن الإبطالِ ما أمكَنَ، وأمكَنَ هَهُنا بالتَّوقُّفِ في حَقِّه، فقُلْنا بالجَوازِ في حَقِّ المُشتَرِي، وبِالتَّوقُّفِ في حَقِّ المُستَأجِرِ، صِيانةً لِلحقَّيْنِ، ومُراعاةً لِلجانِبيْنِ.
وعلى هذا إذا أجَّرَ دارَه ثم أقَرَّ بها لِإنسانٍ، فإقرارُه يَنفُذُ في حَقِّ نَفْسِه، ولا يَنفُذُ في حَقِّ المُستَأجِرِ، بَلْ يَتوقَّفُ إلى أنْ تَمضيَ مدَّةُ الإجارةِ، فإذا مَضَتْ نَفَذَ الإقرارُ في حَقِّه أيضًا، فيَقضيَ بالدَّارِ لِلمُقِرِّ لَه، وهذا بخِلافِ ما إذا أجَّرَ دارَه مِنْ إنسانٍ ثم أجَّرَ مِنْ غَيرِه، فالإجارةُ الثَّانيةُ تَكونُ مَوقوفةً على إجازةِ المُستَأجِرِ الأولِ، فإنْ أجازَها جازَتْ، وإنْ أبطَلَها بَطَلَتْ، وهَهُنا لَيسَ لِلمُستَأجِرِ أنْ يُبطِلَ البَيعَ.
وَوَجْهُ الفَرقِ أنَّ عَقدَ الإجارةِ يَقَعُ على المَنفَعةِ؛ إذْ هو تَمليكُ المَنفَعةِ، والمَنافِعُ مِلْكُ المُستَأجِرِ الأولِ؛ فتَجوزُ بإجازَتِه، وتَبطُلُ بإبطالِه، فأمَّا الإقرارُ فإنَّما يَقَعُ على العَينِ، والعَينُ مِلْكُ المُؤاجِرِ، لَكنَّ لِلمُستَأجِرِ فيها حَقًّا، فإذا زالَ حَقُّه بتَقديمِ المُستَأجِرِ الأولِ إذا أجازَ الإجارةَ الثَّانيةَ