للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإنْ قُلْنا: يَنفَسِخُ في الماضي سقطَ المُسمَّى، ووجبَ أُجرةُ المِثلِ لِمَا مَضَى. وإنْ قُلْنا: لا يَنفَسِخُ فيه، فهَل له خِيارُ الفَسخِ؟ وَجهانِ:

أصَحُّهُما: عندَ الإمامِ والبَغَويِّ: لا؛ لأنَّ مَنافِعَه استُهلِكَتْ.

والآخَرُ: نَعَمْ، وبِه قَطَعَ ابنُ الصَّباغِ وآخَرونَ؛ لأنَّ جَميعَ المَعقودِ عليه لَم يُسَلَّمْ؛ فإنْ قُلْنا: له الفَسخُ، ففَسخَ، رَجعَ إلى أُجرةِ المِثلِ.

وإنْ قُلْنا: لا فَسخَ، أو جازَ، وجبَ قِسطُ ما مَضَى مِنْ المُسمَّى، والتَّوزيعُ على قِيمةِ المَنفَعةِ، وهي أُجرةُ المِثلِ، لا على الزَّمانِ نَفْسِه، وذلك يَختَلِفُ؛ فرُبَّما تَزيدُ أُجرةُ شَهرٍ على أُجرةِ شَهرَيْنِ؛ لِكَثرةِ الرَّغَباتِ في ذلك الشَّهرِ. وإنْ كانَتْ مدَّةُ الإجارةِ سَنةً، ومَضَى نِصفُها، وأُجرةُ المِثلِ فيه مثلًا أُجرةَ المِثلِ في النِّصفِ الباقي، وجبَ مِنْ المُسمَّى ثُلُثاه، وإنْ كانَتْ بالعَكسِ فثُلُثُه.

وَإذا أثبَتْنا الخِيارَ بعَيبٍ، ففُسِخَ العَقدُ في المُستَقبَلِ، ففي الِانفِساخِ في الماضي الطَّريقانِ، فإنْ لَم يَنفَسِخْ فطَريقُ التَّوزيعِ ما بيَّناه، وإنْ أجازَه فعليه الأُجرةُ المُسمَّاةُ بتَمامِها، كَما لَو رَضيَ بعَيبِ المَبيعِ لَزِمَه جَميعُ الثَّمنِ.

وَسَواءٌ حَصَلَ التَّلَفُ بآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ، أو بفِعلِ المُستَأجِرِ، بَلْ لَو قُتِلَ العَبدُ أو الدَّابَّةُ المُعيَّنةُ كانَ حُكمُ الِانفِساخِ والأُجرةِ ما ذَكَرْناه، ويَلزَمُه قِيمةُ ما أتلَفَ، وعَن ابنِ أبي هُرَيرةَ أنَّه تَستقِرُّ عليه الأُجرةُ المُسمَّاةُ بالإتلافِ، كَما يَستقِرُّ الثَّمنُ على المُشتَرِي بإتلافِه.

والصَّحيحُ: الأولُ؛ لأنَّ البَيعَ وَردَ على العَيْنِ، فإذا أتلَفَها صارَ قابِضًا، والإجارةُ وارِدةٌ على المَنافِعِ، ومَنافِعُ الزَمنِ المُستَقبَلِ مَعدومةٌ، لا يُتصوَّرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>