عُدوانٌ، ولا تَفريطٌ، فإذا تُرِكَ إلى وَقتِ الحَصادِ ضَمِنَ المُستَأجِرُ أُجرةَ مِثلِ المدَّةِ الزَّائِدةِ على عَقدِه.
والوَجهُ الثَّاني: أنْ يُؤخَذَ بقَلعِ زَرعِه، ولا يُترَكَ؛ لأنَّه قد كانَ يَقدِرُ على الِاستِظهارِ لِنَفْسِه في استِزادةِ المدَّةِ؛ خَوفًا مِنْ حادِثِ سَماءٍ، فلَمَّا لَم يَستَظهِرْ صارَ مُفَرِّطًا.
وأمَّا القِسمُ الثَّاني مِنْ أقسامِ الأصلِ، وهو أنْ يَعلَمَ بجاري العادةِ أنَّ مثلَ ذلك الزَّرعِ لا يُستَحصَدُ في مِثلِ تلك المدَّةِ، مثلَ أنْ يَستَأجِرَها أربَعةَ أشهُرٍ لِزَرعٍ مِنْ بُرٍّ أو شَعيرٍ، فهذا على ثَلاثةِ أقسامٍ:
أحَدُها: أنْ يُشترَطَ قَلعُه عندَ تَقضِّي المدَّةِ، فهذه إجارةٌ جائِزةٌ؛ لأنَّه قد يُريدُ زَرعَه قَصيلًا، ولا يُريدُه حَبًّا، فإذا انقَضَتِ المدَّةُ أخَذَ بقَلعِ زَرعِه وقَطعِه.
والقِسمُ الثَّاني: أنْ يُشترَطَ تَركُه إلى وَقتِ حَصادِه؛ فهذه إجارةٌ فاسِدةٌ؛ لأنَّ اشتِراطَ استِيفاءِ الزَّرعِ بعدَ مدَّةِ الإجارةِ يُنافِي مُوجِبَها، فبَطَلَتْ ثم لِلزَّارِعِ استِيفاءُ زَرعِه إلى وَقتِ حَصادِه، وإنْ بَطَلَتِ الإجارةُ، فلا يُؤخَذُ بقَلعِ زَرعٍ؛ لأنَّه زُرِعَ عن إذْنٍ اشتُرِطَ فيه التَّركُ، وعليه أُجرةُ المِثلِ، والفَرقُ بينَ هذه المَسألةِ في استِيفاءِ الزَّرعِ مع فَسادِ الإجارةِ، وبَينَ أنْ يُؤخَذَ بقَلعِه فيما تَقدَّمَ مِنْ الأقسامِ، مع صِحَّةِ الإجارةِ: أنَّ الإجارةَ إذا بَطَلَتْ رُوعيَ الإذْنُ دونَ المدَّةِ، وإذا صَحَّتْ رُوعِيَت المدَّةُ.
والقِسمُ الثَّالث مِنْ هذه الأقسامِ: أنْ يُطلَقَ العَقدُ، فلا يُشترَطَ فيه