للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَلعٌ ولا تَرْكٌ، فقَدِ اختَلفَ أصحابُنا هَلْ إطلاقُه يَقتَضي القَلعَ أوِ التَّركَ؟ على وجهيْنِ:

أحَدُهما: وهو قولُ أبي إسحاقَ المَروَزيِّ أنَّه يَقتَضي القَلعَ اعتِبارًا بمُوجِبِ العَقدِ، فعلى هذا الإجارةُ صَحيحةٌ، ويُؤخَذُ المُستَأجِرُ بقَلعِ زَرعِه عندَ تَقضِّي المدَّةِ.

والوَجْهُ الثَّاني: وهو ظاهِرُ كَلامِ الشافِعيِّ أنَّ الإطلاقَ يَقتَضي التَّركَ إلى أوانِ الحَصادِ، اعتِبارًا بالعُرفِ فيه، كَما أنَّ ما لَم يَبدُ صَلاحُه مِنْ الثِّمارِ يَقتَضي إطلاقُ بَيعِه لِلتَّركِ إلى وَقتِ الصِّرامِ؛ اعتِبارًا بالعُرفِ فيه، فعلى هذا تَكونُ الإجارةُ فاسِدةً، ويَكونُ لِلمُستَأجِرِ تَركُ زَرعِه إلى وَقتِ حَصادِه، وعليه أُجرةُ المِثلِ، كَما لَو شرطَ التَّركَ.

وأمَّا القِسمُ الثَّالث مِنْ أقسامِ الأصْلِ، وهو أنْ يَقَعَ الشَّكُّ في تلك المدَّةِ هَلْ يُستَحصَدُ الزَّرعُ فيها، كَأنِ استَأجَرَها خَمسةَ أشهُرٍ لِزَرعِ البُرِّ أوِ الشَّعيرِ، فقَد يَجوزُ أنْ يُستَحصَدَ الزَّرعُ في هذه المدَّةِ في بَعضِ البِلادِ وبَعضِ السِّنينِ، ويَجوزُ ألَّا يُستَحصَدَ، فيَكونَ حُكمُ هذا القِسمِ حُكمَ ما عُلِمَ أنَّه يُستَحصَدُ فيه، ويَكونَ حُكمُ هذا القِسمِ حُكمَ ما عُلِمَ أنَّه لا يُستَحصَدُ فيه على ما مَضَى؛ إسقاطًا لِلشَّكِّ، واعتِبارًا باليَقينِ، واللَّهُ أعلمُ (١).

وأمَّا الحَنابِلةُ؛ فقالَ ابنُ قُدامةَ : إذا استَأجَرَ أرضًا لِلزِّراعةِ مدَّةً فانقَضَتْ وفيها زَرعٌ، ولَم يَبلُغْ حَصادَه، لَم يَخْلُ مِنْ حالَتَيْنِ:


(١) «الحاوي الكبير» (٧/ ٤٥٧، ٤٥٩)، و «مختصر المزني» (١٢٨، ١٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>