فَإنْ قُلْنا: بالِانفِساخِ فالحُكمُ كَمَوتِ العَبدِ؛ وإلَّا فلَه الفَسخُ في المدَّةِ الباقيةِ، وفي الماضي الوَجهانِ، فإنْ مَنَعْناه فعليه قِسطُ ما مَضَى مِنْ المُسمَّى، وإنْ أجازَ لَزِمَه المُسمَّى كلُّه، وقيلَ: يُحَطُّ؛ لِلِانهِدامِ وانقِطاعِ الماءِ ما يَخُصُّه.
وأمَّا لَو غَرِقَتِ الأرضُ بماءِ نَبَعَ فيها، أو سَيلٍ؛ فإنَّه كانهِدامِ الدَّارِ.
القِسمُ الثَّالث: فَواتُ المَنفَعةِ شَرعًا، كَفَواتِها حِسًّا في اقتِضاءِ الِانفِساخِ؛ لِتَعذُّرِ الِاستِيفاءِ، فإذا استُؤجِرَ لِقَلْعِ سِنٍّ وَجِعةٍ أو يَدٍ مُتآكِلةٍ أو لِاستِيفاءِ قِصاصٍ في نَفْسٍ أو طَرَفٍ، فالإجارةُ صَحيحةٌ على الأصَحِّ، كَما سَبَقَ؛ فإذا زالَ الوَجَعُ أو عُفِيَ عن القِصاصِ فقَد أطلَقَ الجُمهورُ أنَّ الإجارةَ تَنفَسِخُ، وفيه كَلامانِ:
أحَدُهما: أنَّ المَنفَعةَ في هذه الإجارةِ مَضبوطةٌ بالعَملِ دونَ الزَّمانِ، وهو غيرُ مَيْئُوسٍ مِنه؛ لِاحتِمالِ عَودِ الوَجَعِ، فليكُنْ زَوالُ الوَجَعِ؛ كَغَصْبِ المُستَأجَرةِ حتى يَثبُتَ خِيارُ الفَسخِ دونَ الِانفِساخِ.
والآخَرُ: حَكَى الشَّيخُ أبو مُحمَّدٍ وَجهًا أنَّ الإجارةَ لا تَنفَسِخُ، بَلْ يُستَعمَلُ الأجيرُ في قَلعِ مِسمارٍ أو وَتَدٍ، ويُراعَى تَداني العَملَيْنِ، وهذا ضَعيفٌ، والقَوِيُّ ما قيلَ مِنْ أنَّ الحُكمَ بالِانفِساخِ جَوابٌ على أنَّ المُستَوفَى به لا يُبَدَّلُ؛ فإنْ جَوَّزْناه أمَرَه بقَلعِ سِنٍّ وَجِعةٍ لِغَيرِه.
وَقالوا: لا تَنفَسِخُ الإجارةُ عَينًا كانَتْ أو ذِمَّةً بعُذرٍ في غيرِ المَعقودِ عليه، سَواءٌ كانَ مِنْ المُؤجِّرِ أوِ المُستَأجِرِ، ولا يثبُتُ به فَسخٌ.