وَسَواءٌ حَصَلَ التَّلَفُ بآفةٍ سَماويَّةٍ، أو بفِعلِ المُستَأجِرِ، بَلْ لَو قُتِلَ العَبدُ أو الدَّابَّةُ المُعيَّنةُ، كانَ حُكمُ الِانفِساخِ والأُجرةِ ما ذَكَرْناه، ويَلزَمُه قِيمةُ ما أتلَفَ، وعَنِ ابنِ أبي هُرَيرةَ أنَّه تَستقِرُّ عليه الأُجرةُ المُسمَّاةُ بالإتلافِ، كَما يَستقِرُّ الثَّمنُ على المُشتَرِي بإتلافِه.
والصَّحيحُ الأولُ؛ لأنَّ البَيعَ وَردَ على العَينِ؛ فإذا أتلَفَها صارَ قابِضًا، والإجارةُ وارِدةٌ على المَنافِعِ، ومَنافِعُ الزَمنِ المُستَقبَلِ مَعدومةٌ لا يُتصوَّرُ وُرُودُ الإتلافِ عليها، وعَلَى هذا لَو عَيَّبَ المُستَأجِرُ الدَّارَ أو جَرَحَ العبدَ فهو كالتَّعَيُّبِ بآفةٍ سَماويةٍ في ثُبوتِ الخِيارِ.
وَتَنفَسِخُ الإجارةُ بانهِدامِ الدَّارِ على الأظهَرِ؛ لِزَوالِ الِاسمِ وفَواتِ المَنفَعةِ.
وَفي مُقابِلِ الأظهَرِ لا تَنفَسِخُ.
وأمَّا لَو تَشعَّثَتِ الدَّارُ ولَم تَنهَدِمْ؛ فإنَّها لا تَنفَسِخُ، بَلْ يثبُتُ الخِيارُ على التَّراخِي.
وَإذا اكتَرى أرضًا لِلزِّراعةِ ولَها ماءٌ مُعتادٌ، فانقَطَعَ، فليسَ له فَسخُ العَقدِ على الأظهَرِ؛ لِبَقاءِ اسمِ الأرضِ، مع إمكانِ زِراعَتِها بالأمطارِ، بَلْ يثبُتُ الخِيارُ لِلعَيْبِ على التَّراخي؛ لأنَّ سَبَبَه تَعذُّرُ قَبضِ المَنفَعةِ، وذلك يَتكرَّرُ بتكَرُّرِ الزَّمانِ.
وَإنَّما يثبُتُ الخِيارُ إذا انقَطَعَتِ الزِّراعةُ؛ فإنْ قالَ المُؤجِّرُ: أنا أسوقُ إلَيها ماءً مِنْ مَوضِعٍ آخَرَ، سقطَ الخيارُ، كَما لَو بادَرَ إلى إصلاحِ الدَّارِ. وأمَّا مُجرَّدُ الوَعدِ بأنَّه يَسوقُ الماءَ فيَنبَغي ألَّا يُكتَفَى به.