انفَسخَ الكِراءُ، وكذلك كلُّ ما اكتُرِي أيَّامًا بعَينِها، وليسَ لِلمُكتَرِي الرِّضا مع المُكري بالتَّمادي على الإجارةِ إذا نَقَدَ الكِراءَ؛ لِلُزومِ فَسخِ الدَّيْنِ في الدَّيْنِ؛ فإنْ لَم يُنقَدْ يَجوزُ؛ لِانتِفاءِ العِلَّةِ المَذكورةِ، والمُرادُ بالزَمنِ المُعيَّنِ ألَّا يَجمَعَ معه العَملَ، أمَّا إنْ جَمَعَ بَينَهما؛ فالعِبرةُ بالعَملِ، كَأنْ يَقولَ: أكَترِي مِنْكَ دَابَّتكَ أركَبُ عليها في هذا اليَومِ، أو ثَورَكَ أطَحنُ عليه إردَبًّا في هذا اليَومِ، أو نَحوَ ذلك؛ فالعِبرةُ بالرُّكوبِ والطَّحنِ، ولا عِبرةَ بخُصوصِ الزَمنِ، وأمَّا الحَجُّ فهو غيرُ مُعيَّنٍ، لَكنَّه أُلحِقَ به، أيْ: فحَقيقَتُه غيرُ مُعيَّنةٍ؛ لأنَّها كَما تُوجَدُ في هذا العامِ، تُوجَدُ في العامِ الثَّاني، وإنْ كانَتْ أيَّامًا مُعيَّنةً.
وَكَذا لا تَنفَسِخُ الإجارةُ بظُهورِ المُستَأجِرِ فاسِقًا يَشرَبُ فيها الخَمرَ أو يَزْني أو يُظهِرُ فيها الدَّعارةَ والطَّنابيرَ والزَّمْرَ أو نَحوَ ذلك، إلَّا أنَّ الحاكِمَ يَأمُرُه بالكَفِّ عن ذلك، فإنْ لَم يَنْتَهِ أجَّرَها عليه، وأخرَجَهُ مِنها. قالَ اللَّخميُّ: وأرَى أنْ يُخرِجَه مِنها إنْ لَم يَتيسَّرْ كِراؤُها مِنْ يَومِه، ومَا قارَبَ ذلك حتى يَأتيَ مَنْ يَكتَريها، فإنْ لَم يَجِدْ مُكتَريًا حتى خَرجَ الشَّهرُ الذي أكراه، لَم يَسقُطْ عنه الكِراءُ، وهذا في الكِراءِ الوَجيبةِ، أو المُشاهَرةِ، ونَقدِ الأُجرةِ؛ وإلَّا فالعَقدُ غيرُ لَازِمٍ (١).
(١) «المدونة الكبرى» (١١/ ٤٥٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣٧٨، ٣٨٥)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٣١، ٤٣٤)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٥٠٣، ٥٠٩)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٣٠، ٣٤)، و «الذخيرة» (٥/ ٥٣٧)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٨٠، ٥٨٤)، و «الفواكه الدواني» (٢/ ١١٢، ١١٣)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ٤٧، ٥٢).