وقالَ الشافِعيَّةُ: الطَّوارِئُ المُوجِبةُ لِلفَسخِ -فالفَسخُ والِانفِساخُ يثبُتُ بخَلَلٍ يَعرِضُ في المَعقودِ عليه- ثَلاثةُ أقسامٍ:
أحَدُها: ما يَنقُصُ المَنفَعةَ، ومتى ظَهرَ بالمُستَأجَرةِ نَقصٌ تَتفاوَتُ به الأُجرةُ فهو عَيبٌ مُثبِتٌ لِلفَسخِ، وذلك كَمَرَضِ العَبدِ والدَّابَّةِ وانقِطاعِ ماءِ البِئرِ وتَغيُّرِه -بحَيثُ يَمنَعُ الشُّربَ-، وانكِسارِ دَعائِمِ الدَّارِ واعوِجاجِها، وانهِدامِ بَعضِ جُدرانِها، لَكِنْ لَو بادَرَ المُؤجِّرُ إلى الإصلاحِ، وكانَ قابِلًا لِلإصلاحِ في الحالِ سقطَ خِيارُ المُستَأجِرِ، كَما سَبَقَ، وسَواءٌ كانَ العَيبُ سابِقًا لِلعَقدِ، أوِ القَبضِ، أو حادِثًا في يَدِ المُستَأجِرِ.
ثم إنْ ظَهرَ العَيبُ قبلَ مُضِيِّ مدَّةٍ لَها أُجرةٌ؛ فإنْ شاءَ فَسخَ ولا شَيءَ عليه، وإنْ شاءَ أجازَ بجَميعِ الأُجرةِ. وإنْ ظَهرَ في أثناءِ المدَّةِ قالَ النَّوَويُّ: فالوَجْهُ ما ذكرَه المُتوَلِّي، وهو أنَّه إنْ أرادَ الفَسخَ في جَميعِ المدَّةِ فهو كَما لَوِ اشترَى عبدَيْنِ فتَلِفَ أحَدَهُما ثم وَجَدَ بالباقي عَيبًا، وأرادَ الفَسخَ فيهِما. وإنْ أرادَ الفَسخَ فيما بَقيَ مِنْ المدَّةِ فهو كَما لَو أرادَ الفَسخَ في العَبدِ الباقي وَحدَه، وحُكمُهما مَذكورٌ في البَيعِ، وأطلَقَ الجُمهورُ القَولَ بأنَّ له الفَسخَ، ولَم يَتعرَّضوا لِهَذا التَّفصيلِ. ومتى امتَنَعَ الفَسخُ فلَه الأرشُ، فيُعرَفُ أُجرةُ مِثلِه سَليمًا ومَعيبًا، ويُعرَفُ التَّفاوُتُ بَينَهما، هذا كلُّه في إجارةِ العَينِ.
أمَّا إذا وُجِدَ في إجارةِ الذِّمةِ بالدَّابَّةِ المُسلَّمةِ عَيبٌ؛ فلا فَسخَ، بَلْ يَرُدُّها ويَلزَمُ المُؤجِّرَ إبدالُها.
القِسمُ الثَّاني: فَواتُ المَنفَعةِ بالكُليَّةِ حِسًّا، فمِن صُوَرِه مَوتُ الدَّابَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute