وَكذلك تَنفَسِخُ الإجارةُ بظُهورِ حَملٍ، بأنْ كانَتِ الظِّئرُ وَقتَ العَقدِ غيرَ ظاهِرةِ الحَملِ، ثم ظَهرَ؛ لِتَعذُّرِ الرَّضاعِ عادةً إذا حَمَلَتْ، لأنَّ لَبنَ الحامِلِ يَضُرُّ الرَّضيعَ، أو بمَرَضِها مَرَضًا لا تَقدِرُ معه على الرَّضاعِ، وإلَّا كانَ أهلُه بالخِيارِ.
وَكذلك تَنفَسِخُ الإجارةُ إذا مَرِضَ عَبدٌ لا قُدرةَ له على فِعلِ ما استُؤجِرَ عليه، وهَرَّبَه لَكَ العَدُوُّ بأرضِ حَربٍ، أو ما نَزَل مَنزِلَتَها في البُعدِ؛ لأنَّ المُستَأجِرَ لا يُمكِنُه الِانتِفاعُ مع شَيءٍ مِنْ ذلك، ولَو رَجعَ العَبدُ مِنْ الإباقِ، أو أفاقَ مِنْ مَرَضِه في بَقيَّةِ المدَّةِ، لَزِمَه تَمامُها؛ إلَّا أنْ يَتفسَخا قبلَ ذلك.
وَيَسقُطُ عن المُستَأجِرِ ما يُقابِلُ أيَّامَ الهُروبِ، فلا يَجوزُ أنْ يَتَّفِقا على قَضاءِ مدَّةِ الهُروبِ؛ لأنَّه فَسخُ ما في الذِّمةِ في مُؤَخَّرٍ؛ إذْ قد وجبَ لِلمُستَأجِرِ ما يُقابِلُ مدَّةَ الهُروبِ مِنْ الأُجرةِ، فيَفسَخانِ في شَيءٍ لا يَتعجَّلُه، اللَّهمَّ إلَّا أنْ يَكونَ قَبضَ الأُجرةِ.
بِخِلافِ مَرَضِ دَابَّةٍ بسَفَرٍ، ثم تَصحُّ؛ فإنَّ الكِراءَ يَنفَسِخُ ولا يَعودُ لِمَا يَلحَقُه مِنْ الضَّررِ في السَّفَرِ بالصَّبرِ.
وَخُيِّرَ المُستَأجِرُ في فَسخِ الإجارةِ إنْ ظَهرَ أنَّ العبدَ المُؤجَّرَ أو غيرَه سارِقٌ؛ لأنَّها عَيبٌ يُوجِبُ الخِيارَ، كالبَيعِ، وهذا حَيثُ كانَ استِئجارُه لِخِدمةٍ في دارِه ونَحوِها، ممَّا لا يُمكِنُ التحَفُّظُ فيه مِنه، وأمَّا لَو أجَّرَه دارًا لِيَسكُنَها ونَحوَ ذلك، فلا تَنفَسِخُ الإجارةُ؛ لتَبيُّنِ أنَّه سارِقٌ.
وَخُيِّرَ إنْ رَشَدَ صَغيرٌ عَقدَ عليه وَلِيُّه مِنْ أبٍ أو وَصِيٍّ أو حاكِمٍ أو مُقدَّمٍ