للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَو مَرِضَ المُؤجِّرُ فقَعَدَ فكَذا الجَوابُ على رِوايةِ الأصْلِ، وذَكَر الكَرخِيُّ أنَّه عُذرٌ، وهو الأظهَرُ؛ لأنَّه لا يُعَرى عن ضَرَرٍ، فيُدفَعُ عنه عندَ الضَّرورةِ دونَ الِاختيارِ، ولأنَّه قد لا يَرضَى بخُروجِ غَيرِه في دَوابِّه.

وإنْ مَرِضَ الجَمَّالُ فظاهِرُ رِوايةِ الأصْلِ يَقتَضي ألَّا يَكونَ عُذرًا.

وقالَ أبو الحَسَنِ : هو: عُذرٌ.

وَعَنْ أبي يُوسفَ في امرَأةٍ وَلَدَتْ يَومَ النَّحرِ قبلَ أنْ تَطوفَ لِلزِّيارةِ، فأبَى الجَمَّالُ أنْ يُقيمَ مَعَها، قالَ: هذا عُذرٌ، ونَقَضَ الإجارةَ؛ لأنَّها لا تَقدِرُ على الخُروجِ قبلَ الطَّوافِ، ولا يُمكِنُ أنْ يُلزَم الجَمَّالُ أنْ يُقيمَ مدَّةَ النِّفاسِ، ففُسِخَتِ الإجارةُ؛ لِدَفعِ الضَّررِ عَنهُما، وإنْ كانَتْ وَلَدَتْ قبلَ ذلك، ولَم يَبْقَ مِنْ مدَّةِ النِّفاسِ إلَّا كَمدَّةِ الحَيضِ، أو بَقيَ أقَلُّ، أُجبِرَ الجَمَّالَ على المُقامِ مَعَها؛ لأنَّ هذه المدَّةَ قد جَرَتِ العادةُ بمُقامِ الحاجِّ فيها بعدَ الفَراغِ مِنْ الحَجِّ.

وَمَنِ استَأجَرَ غُلامًا لِيَخدُمَه في المِصرِ ثم سافَرَ فهو عُذرٌ؛ لأنَّه لا يُعَرى عن إلزامِ ضَرَرٍ زَائِدٍ؛ لأنَّ خِدمةَ السَّفَرِ أشَقُّ، وفي المَنعِ مِنْ السَّفَرِ ضَرَرٌ، وكلُّ ذلك لَم يُستَحقَّ بالعَقدِ، فكانَ عُذرًا، وكَذا إذا أطلَقَ؛ لِمَا مَرَّ أنَّه يَتقيَد بالحَضَرِ، بخِلافِ ما إذا آجَرَ عَقارًا ثم سافَرَ؛ لأنَّه لا ضَرَرَ؛ إذِ المُستَأجِرُ يُمكِنُه استِيفاءُ المَنفَعةِ مِنْ المَعقودِ عليه بعدَ غَيبَتِه، حتى لَو أرادَ المُستَأجِرُ السَّفَرَ، فهو عُذرٌ؛ لِمَا فيه مِنْ المَنعِ مِنْ السَّفَرِ أو إلزامِ الأجْرِ بدُونِ السُّكنَى، وذلك ضَرَرٌ (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ٢٠١)، و «الهداية» (٣/ ٢٥٠، ٢٥١)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٧٧، ٣٨٠)، و «اللباب» (١/ ٤٩٧، ٤٩٩)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٢٣، ١٢٤)، و «الاختيار» (٣/ ٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>