للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِناءً عليه مَنْ قالوا مِنْ الفُقهاءِ: إنَّ يَدَ الأجيرِ المُشترَكِ يَد أمانَةٍ، وهو قولُ أبي حَنيفَةَ، وأحمدَ في رِوايةٍ، قالوا: لا يَجوزُ اشتِراطُ الضَّمانِ عليه.

وَمَنْ قالوا: إنَّ يَدَه يَدَ ضَمانٍ، كَما هو مَذهَبُ المالِكيَّةِ، والشافِعيَّةِ في المَذهبِ، والحَنابِلةِ في المَذهبِ، والصَّاحِبيْنِ مِنْ الحَنفيَّةِ قالوا: يَجوزُ اشتِراطُ الضَّمانِ عليه، ولا يَجوزُ نَفْيُ الضَّمانِ عَنه؛ لأنَّ ما كانَ مَضمونًا لا يَنتفِي ضَمانُه بشَرْطِه؛ لأنَّ مُقتَضَى العَقدِ الضَّمانُ، فإذا شرطَ نَفْيَ ضَمانِه لا يَنتفِي مع وُجودِ سَبَبِه، كَما لَوِ اشترَطَ نَفْيَ ضَمانِ ما يَتعدَّى فيه.

قالَ الحَنفيَّةُ: قالَ الزَّيلَعِيُّ : إنْ شرطَ الضَّمانَ على الأجيرِ المُشترَكِ في العَقدِ؛ فإنْ شرطَ عليه فيما لا يُمكِنُ الِاحتِرازُ عنه لا يَجوزُ بالإجماعِ؛ لأنَّه شَرطٌ لا يَقتَضيه العَقدُ، وفيه مَنفَعةٌ لِأحَدِهِما، ففَسَدَتْ، وإنْ شرطَ عليه فيما يُمكِنُ الِاحتِرازُ عنه فعلى الخِلافِ، فعِندَهُما يَجوزُ؛ لأنَّه يَقتَضيه العَقدُ عِندَهُما، وعِندَه يَفسُدُ؛ لأنَّ العَقدَ لا يَقتَضيه، فيَكونُ اشتِراطُه فيه مُفسِدًا (١).

وقالَ في «الجَوهرة»: الإجارةُ تُفْسِدُها الشُّروطُ التي لا يَقتَضيها العَقدُ، كما إذا شرطَ على الأجيرِ الخاصِّ ضَمانَ ما تَلِفَ بفِعلِه أو بغَيرِ فِعلِه، أو شرطَ على الأجيرِ المُشترَكِ ضَمانَ ما تَلِفَ بغَيرِ فِعلِه، على قَولِ أبي حَنيفَةَ .

أمَّا إذا اشترَطَ شَرطًا يَقتَضيه العَقدُ، كما إذا شرطَ على الأجيرِ المُشترَكِ


(١) «تبيين الحقائق» (٥/ ١٣٥)، و «الهندية» (٤/ ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>