والمَذهَبُ أنَّه لا فَرقَ بينَ كَونِه في مِلْكِ نَفْسِه أو مِلْكِ مُستَأجِرِه، وبَينَ كَونِ صاحِبِ العَملِ حاضِرًا عِندَه أو غائِبًا عنه، وَكَونِه مع المَلَّاحِ أو الجَمَّالِ أو لا.
وَكذلك ما تَلِفَ بجِنايةِ المَلَّاحِ بجَذفٍ، أو بجِنايةِ المُكارِي بشَدِّه المَتاعَ، وبنَحوِه، فهو مَضمونٌ عليه، سَواءٌ كانَ صاحِبُ المَتاعِ معه أو لَم يكُنْ، لأنَّ وُجوبَ الضَّمانِ عليه لِجِنايةِ يَدِه؛ فلا فَرقَ بينَ حُضورِ المالِكِ وغَيبَتِه؛ كالعُدوانِ، ولأنَّ جِنايةَ الجَمَّالِ والمَلَّاحِ إذا كانَ صاحِبُ المَتاعِ راكِبًا مَعَهما تَعُمُّ المَتاعَ وصاحِبَه، ولأنَّ تَفريطَهما يَعُمُّهُما، فلَم يَسقُطْ ذلك الضَّمانُ، كَما لَو رَمَى إنسانًا مُتترِّسًا فكَسَرَ تُرسَه وقَتَلَه، ولأنَّ الطَّبيبَ والخَتَّانَ إذا جَنَتْ يَداهُما ضَمِنَا مع حُضورِ المُطَبَّبِ والمَختونِ، وقَد ذكرَ القاضي أنَّه لَو كانَ ذلك يُحمَلُ على رَأْسِه، ورَبُّ المَتاعِ مَعَه، فعَثَرَ فسقطَ المَتاعُ فتَلِفَ، ضَمِنَ، وإنْ سُرِقَ لَم يَضمَنْ؛ لأنَّه في العِثارِ تَلِفَ بجِنايَته، ولأنَّ السَّرِقةَ لَيسَتْ مِنْ جِنايَته، ولأنَّ ربَّ المالِ لَم يَحُلْ بَينَه وبَينَه، وهذا يَقتَضي أنَّ تَلَفَهُ بجِنايَته مَضمونٌ عليه، سَواءٌ حَضَرَ ربُّ المالِ أو غابَ، بَلْ وُجوبُ الضَّمانِ في مَحَلِّ النِّزاعِ أوْلَى؛ لأنَّ الفِعلَ في ذلك إلى المَوضِعِ مَقصودٌ لِفاعِلِه، ولأنَّ السَّقطةَ مِنْ الحَمَّالِ غيرُ مَقصودةٍ لَه، فإذا وجبَ الضَّمانُ ههُنا فثَم أَوْلَى.