للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ غيرِ استِحقاقِ الأجْرِ بعَقدٍ تَقدَّمَ، فلَم يُقبَلْ قولُه في تَلَفِها، كالقِراضِ والعارِيةِ (١).

وعلى هذا يَضمَنُ الأجيرُ المُشترَكُ ما تَلِفَ بيَدِه مُطلَقًا، فالقَصَّارُ ضامِنٌ لِمَا يَتخرَّقُ بيَدِه، والطَّبَّاخُ ضامِنٌ لِمَا أفسَدَ مِنْ طَبيخِه، والخَبَّازُ ضامِنٌ لِمَا أفسَدَ مِنْ خُبزِه، والحَمَّالُ ضامِنٌ لِمَا سقطَ مِنْ الحِملِ الذي يَحمِلُه، أو تَلِفَ في أثناءِ عَثرَتِه، والجَمَّالُ ضامِنٌ ما تَلِفَ بقيادَتِه وسَوْقِه وانقِطاعِ حَبْلِه الذي يَشُدُّ به بَعيرَه، والمَلَّاحُ ضامِنٌ ما تَلِفَ في حيازَتِه، أو بسَبَبِ المَوادِّ التي تُطلَى أو تُمَوَّنُ بها السَّفينةُ.

وَإلَيكَ بَيانُ أقوالِهم بالتَّفصيلِ:

وَإنَّما يَجِبُ الضَّمانُ عندَ أبي يُوسفَ على الأجيرِ إذا هَلَكَ في يَدِه؛ لأنَّ العَينَ إنَّما تَدخُلُ في الضَّمانِ عِندَهُما بالقَبضِ؛ كالعَينِ المَغصوبةِ، فما لَم يُوجَدِ القَبضُ لا يَجِبِ الضَّمانُ، حتى لَو كانَ صاحِبُ المَتاعِ راكِبًا معه في السَّفينةِ، أو راكِبًا على الدَّابَّةِ التي عليها الحِملُ، فعَطِبَ الحِملُ مِنْ غيرِ صُنعِ الأجيرِ، فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ المَتاعَ في يَدِ صاحِبِه.

وَكذلك إذا كانَ صاحِبُ المَتاعِ، والمُكارِي راكِبيْنِ على الدَّابَّةِ أو سائِقَيْنِ أو قائِدَيْنِ؛ لأنَّ المَتاعَ في أيديهِما، فلَم يَنفَرِدِ الأجيرُ باليَدِ؛ فلا يَلزَمُه ضَمانُ اليَدِ.

وَروَى بِشْرٌ عن أبي يُوسفَ أنَّه إنْ سُرِقَ المَتاعَ مِنْ رَأْسِ الحَمَّالِ


(١) «الإشراف» (٣/ ٢٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>