للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ علِيًّا كَرَّمَ اللهُ وَجهَهُ كانَ يَستَقي الماءَ لِامرأةٍ يَهوديَّةٍ: كلُّ دَلْوٍ بتَمرةٍ (١).

وقالَ العِمرانيُّ : وإنِ استَأجَرَ الكافِرُ مُسلِمًا، نُظِرَتْ: فإنِ استَأجَرَه لِعَملٍ في ذِمَّتِه صَحَّ؛ لأنَّه لا صَغارَ عليه في ذلك.

وَإنِ استَأجَرَه لِعَملٍ مُقدَّرٍ، في زَمانٍ مَعلومٍ ففيه طَريقانِ:

الأولُ: مِنْ أصحابِنا مَنْ قالَ: فيه قولانِ، بِناءً على القوليْنِ في جَوازِ شِراءِ الكافِرِ لِلمُسلِمِ؛ لأنَّ في ذلك استيلاءً عليه وصَغارًا، كالمِلْكِ.

والآخَرُ: مِنهم مَنْ قالَ: يَصحُّ، قَولًا واحِدًا؛ لِمَا ذَكَرْناه مِنْ حَديثِ عَلِيٍّ، ولأنَّ ذلك عَملٌ في مُقابَلةِ عِوَضٍ، فأشبَهَ العَملَ في ذِمَّتِه، ويُخالِفُ المِلْكَ؛ لأنَّه يَقتَضي تَسَلُّطًا واستِدامةَ مُلْكِه عليه (٢).

وسُئِلَ ابنُ حَجَرٍ الهَيتَميُّ عمَّا إذا استأجَرَ الكافِرُ مُسلِمًا إجارةَ عَينٍ هل يَحرُمُ على المُسلِمِ إتمامُ الإجارةِ بنَفْسِه؟

فأجابَ بقَولِه: لا يَحرُمُ على المُسلِمِ إتمامُ الإجارةِ بنَفْسِه، بل يُكرَهُ له، نَعَمْ إنْ كانَتِ الإجارةُ فيما يُمتَهَنُ به؛ كالأعمالِ الدَّنيئةِ غيرِ اللَّائِقةِ به، اشتَدَّتِ الكَراهةُ، بل قيلَ بالحُرمةِ حينئذٍ (٣).

وَذَهَبَ الحَنابِلةُ -في المَذهبِ- والشافِعيَّةُ -في قَولٍ- كَما تَقدَّمَ إلى أنَّه لا يَجوزُ لِلمُسلِمِ أنْ يُؤجِّرَ نَفْسَه لِخِدمةِ الكافِرِ.


(١) «المهذب» (١/ ٣٩٥).
(٢) «البيان» (٧/ ٢٩٤، ٢٩٥).
(٣) «الفتاوى الفقهية الكبرى» (٣/ ١٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>