للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجاءَ في «المُدوَّنةُ الكُبرَى»: في الرجُلِ يُؤاجِرُ نَفْسَه مِنْ النَّصرانيِّ:

قُلتُ: أرَأيتَ لَو أنَّ نَصرانيًّا آجَرَ مُسلِمًا لِيَخدُمَه، أتَجوزُ هذه الإجارةُ في قَولِ مالِكٍ؟ قالَ: سُئِلَ مالِكٌ عن المُسلِمِ يَأخُذُ مِنْ النَّصرانيِّ مالًا قِراضًا، فَكَرِهَ ذلك لَه، وغَيرُه مِنْ أهلِ العِلمِ قد كَرِهَ ذلك، ولا أرَى مالِكًا كَرِهَ ذلك إلَّا مِنْ وَجهِ الإجارةِ، وقَد بَلَغَني أنَّ مالِكًا كَرِهَ أنْ يُؤاجِرَ المُسلِمُ نَفْسَه مِنْ النَّصرانيِّ.

قُلتُ: أرَأيتَ إنْ آجَرَه هذا المُسلِمُ نَفْسَه على أنْ يَحرُسَ له زَيتُونَه أو يَحرُثَ له أو يَبنيَ له بُنيانًا؟ قالَ: أكرَهُ أنْ يُؤاجِرَ نَفْسَه في خِدمةِ هذا النَّصرانيِّ (١).

وقالَ الشافِعيَّةُ: يَصحُّ مع الكَراهةِ أنْ يَستَأجِرَ الذِّميُّ مُسلِمًا، ولو إجارةَ عَينٍ، ويَستَنيبُ المُسلِمُ كافِرًا يَقومُ عنه بخِدمةِ الكافِرِ، وُجوبًا في إجارةِ الذِّمةِ، ويُؤمَرُ وُجوبًا بإزالةِ مِلْكِه عنه في إجارةِ العَينِ، ولِلحاكِمِ مَنْعُه منها، ولا يَجوزُ لِمُسلِمٍ خِدمةُ كافِرٍ، ولو بغَيرِ إجارةٍ (٢).

وقالَ الشِّيرازِيُّ في «المُهَذَّبُ»: فَصلٌ: واختَلفوا في الكافِرِ إذا استأجَرَ مُسلِمًا إجارةً مُعيَّنةً؛ فمِنهم مَنْ قالَ: فيه قولانِ؛ لأنَّه عَقدٌ يَتضمَّنُ حَبسَ المُسلِمِ؛ فصارَ كبَيعِ العَبدِ المُسلِمِ منه، ومنهم مَنْ قالَ: يَصحُّ قَولًا واحِدًا؛


(١) «المدونة الكبرى» (١١/ ٤٣٣)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٤٢٤)، و «البيان والتحصيل» (٥/ ١٥٤)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٣٦١)، و «الذخيرة» (٥/ ٣٩٨)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٢٠)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٦٧)، و «منح الجليل» (٧/ ٤٩٨).
(٢) «حاشية قليوبي» (٣/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>