قالَ ابنُ القيِّمِ ﵀: وتَلخيصُ مَذهبِه (أي: الإمامِ أحمدَ ﵀): أنَّ إجارةَ المُسلِمِ نَفْسَه لِلذِّميِّ ثَلاثةُ أنواعٍ:
أحَدُها: إجارةٌ على عَملٍ في الذِّمةِ، فهذه جائِزةٌ.
الثَّاني: إجارةٌ لِلخِدمةِ، فهذه فيها رِوايَتانِ مَنصوصَتانِ، أصَحُّهما المَنْعُ مِنها.
الثَّالث: إجارةُ عَينِه منه لِغَيرِ الخِدمةِ، فهذه جائِزةٌ، وقَد آجَرَ عَلِيٌّ ﵁ نَفْسَه مِنْ يَهوديٍّ يَستقِي لَه: كلُّ دَلْوٍ بتَمرةٍ، وأكَلَ النَّبيُّ ﷺ مِنْ ذلك التَّمرِ.
هَذا كلُّه إذا كانَ الإيجارُ لِعَملٍ لا يَتضمَّنُ تَعظيمَ دِينِهم وشَعائِرِه، فإنْ كانَتِ الإجارةُ على عَملٍ يَتضمَّنُ ذلك لَم يَجُزْ، كَما نَصَّ عليه أحمَدُ في رِوايةِ إسحاقَ بنِ إبراهيمَ، وقَد سَألَه رَجُلٌ بَنَّاءٌ: أبْنِي ناووسًا لِلمَجوسِ؟ فقالَ: لا تَبْنِ لَهُمْ (١).
وقالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: ولا تَجوزُ إجارةُ المُسلِمِ لِلذِّميِّ لِخِدمَتِه، نَصَّ عليه أحمَدُ في رِوايةِ الأثرَمِ، فقالَ: إنْ أجَّرَ نَفْسَه مِنْ الذِّميِّ في خِدمَتِه لَم يَجُزْ، وإنْ كانَ في عَملِ شَيءٍ جازَ، وهذا أحَدُ قَولَيِ الشَّافِعيِّ، وقالَ في الآخَرِ: تَجوزُ؛ لأنَّه تَجوزُ له إجارةُ نَفْسِه في غيرِ الخِدمةِ، فجازَ فيها؛ كَإجارَتِه مِنْ المُسلِمِ.
(١) «أحكام أهل الذمة» (١/ ٢٠٨، ٢٠٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute