للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلخِدمةِ، وفيما سِوَى الخِدمةِ يَجوزُ، والأجيرُ في سَعةٍ مِنْ ذلك ما لَم يكُنْ في ذلك إذلالٌ (١).

وَجاءَ في «غَمزُ عُيونِ البَصائِرِ شَرحُ كِتابِ الأشباهِ والنَّظائِرِ» لِابنِ نُجَيمٍ لِلحَمَويِّ: قولُهُ: ويُكرَهُ للمُسلِمِ أنْ يُؤجِّرَ نَفْسَه مِنْ كافِرٍ لِعَصرِ العِنَبِ.

أقولُ: لَيسَ عَصرُ العِنَبِ قَيدًا، بَلِ المُرادُ أنْ يُؤجِّرَ نَفْسَه لِخِدمَتِه؛ لِمَا في شَرحِ المَجمَعِ لِابنِ المَلِكِ: لَوِ استَأجَرَ الكافِرُ مُسلِمًا لِلخِدمةِ جازَ اتِّفاقًا، ولَكنَّه يُكرَهُ؛ لأنَّ فيه استِهانةً صُورةً، انتَهَى.

وَفِي «الذَّخيرةُ»: إذا دخلَ يَهوديٌّ الحَمَّامَ هَلْ أباحَ لِلخادِمِ المُسلِمِ أنْ يَخدُمَه، إنْ خَدَمَه طَمعًا في فُلُوسِه فلا بَأْسَ بهِ؛ فإنْ فعلَ ذلك تَعظيمًا له مِنْ غيرِ أنْ يَنويَ ما ذَكَرْناه، أو قامَ تَعظيمًا لِغِناه كُرِهَ ذلك (٢).

وقالَ المالِكيَّةُ: يُكرَهُ لِلمُسلِمِ أنْ يُؤاجِرَ نَفْسَه أو وَلَدَه أو عبدَه المُسلِمَ أو دَابَّتَه لِكافِرٍ، ومَحَلُّها إذا كانَ المُسلِمُ يَجوزُ له فِعلُ ذلك لِنَفْسِهِ؛ كالخِياطةِ والبِناءِ والحَرثِ وما أشبَهَ ذلك، وأمَّا ما لا يَجوزُ لِلمُسلِمِ فِعلُه لِنَفْسِه، كَعَصرِ الخَمرِ ورَعْيِ الخَنازيرِ وما أشبَهَ ذلك؛ فإنَّه لا يَجوزُ له أنْ يُؤاجِرَ نَفْسَه، ويُؤَدَّبُ المُسلِمُ، إلَّا أنْ يُعذَرَ بجَهالةٍ.

فَإنْ عُثِرَ عليها قبلَ العَملِ فُسِخَتْ، وإنْ فاتَتْ بالعَملِ؛ فإنَّ الأُجرةَ تُؤخَذُ مِنْ الكافِرِ ويُتَصَدَّقُ بها على الفُقَراءِ، أدَبًا لِلمُسلِمِ، إلَّا أنْ يُعذَرَ لِأجْلِ جَهلٍ ونَحوِهِ؛ فإنَّها لا تُؤخَذُ مِنه.


(١) «المحيط البرهاني» (٨/ ٤٠).
(٢) «غمز عيون البصائر» (٣/ ٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>