وقالَ السُّيوطيُّ ﵀: سُئِلَ الغَزاليُّ عن اليَهوديِّ إذا أجَّرَ نَفْسَه مدَّةً مَعلومةً، ما حُكمُ السُّبوتِ التي تَتخلَّلُها إذا لَم يَستَثْنِها؛ فإنِ استَثْناها فهَل تَصحُّ الإجارةُ؛ لأنَّه يُؤدِّي إلى تَأخيرِ التَّسليمِ عن العَقدِ؟
فَأجابَ: إذا اطَّردَ عُرفُهم بذلك، كانَ إطلاقُ العَقدِ؛ كالتَّصريحِ بالِاستِثْناءِ، كاستِثْناءِ اللَّيلِ في عَملٍ لا يُتَوَلَّى إلَّا بالنَّهارِ، وحُكمُه أنَّه لَو أنشَأَ الإجارةَ في أوَّلِ اللَّيلِ مُصَرِّحًا بالإضافةِ إلى أوَّلِ الغَدِ لَم يَصحَّ، وإنْ أطلَقَ صَحَّ؛ وإنْ كانَ الحالُ يَقتَضي تَأخيرَ العَملِ، كَما لَو أجَّرَ أرضًا لِلزِّراعةِ في وَقتٍ لا يُتصوَّرُ المُبادَرةُ إلى زَرعِها فيه، أو أجَّرَ دارًا مَشحونةً بالأمتِعةِ لا تُفرَّغُ إلَّا في يَومٍ أو يَومَيْنِ. انتَهَى، وقَد نقلَه عنه الرَّافِعيُّ، والنَّوَويُّ، ولَم يَنقُلاه عن غَيرِه، قالَ السُّبكيُّ: ولا يَنبَغي أنْ يُؤخَذَ مُسلَّمًا، بَلْ يُنظَرُ فيه، قالَ: وقَد سُئِلَ عنه قاضي القُضاةِ أبو بَكرٍ الشَّاميُّ، فقالَ: يُجبَرُ على العَملِ فيها؛ لأنَّ الِاعتِبارَ بشَرعِنا في ذلك؛ فذُكِرَ له كَلامُ الغَزاليِّ فقالَ: لَيسَ بصَحيحٍ، ثم قالَ: يُحتَمَلُ أنْ يُقالَ ذلك ويُستَثْنَى بالعُرفِ.