وعلى هذا يَخرُجُ أيضًا شَرطُ تَطيينِ الدَّارِ وإصلاحِ مِيزابِها، وما وَهَى مِنها، وإصلاحِ بِئرِ الماءِ والبالُوعةِ والمَخرَجِ، وكَرْيِ الأنهارِ، وفي إجارةِ الأرضِ وطَعامِ العَبدِ وعَلَفِ الدَّابَّةِ، في إجارةِ العَبدِ والدَّابَّةِ ونَحوِ ذلك؛ لأنَّ ذلك كلَّه شَرطٌ يُخالِفُ مُقتَضَى العَقدِ، ولا يُلائِمُه، وفيه مَنفَعةٌ لِأحَدِ العاقِدَيْنِ.
قالَ الكاسانيُّ ﵀: وذُكِرَ في الأصْلِ إذا استَأجَرَ دارًا مدَّةً مَعلومةً بأُجرةٍ مُسمَّاةٍ على ألَّا يَسكُنَها؛ فالإجارةُ فاسِدةٌ ولا أُجرةَ على المُستَأجِرِ إذا لَم يَسكُنْها، وإنْ سَكَنَها فعليه أجْرُ مِثلِها لا يَنقُصُ ممَّا سَمَّى، أمَّا فَسادُ العَقدِ فظاهِرٌ؛ لأنَّ شَرطَه -ألَّا يَسكُنَ- نَفَى مُوجِبَ العَقدِ، وهو الِانتِفاعُ بالمَعقودِ عليه، وأنَّه شَرطٌ يُخالِفُ مُقتَضَى العَقدِ ولا يُلائِمُ العَقدَ، فكانَ شَرطًا فاسِدًا.
وأمَّا عَدَمُ وُجوبِ الأجْرِ رَأْسُا إنْ لَم يَسكُنْ، ووُجوبُ أجْرِ المِثلِ إنْ سَكَنَ، فظاهِرٌ أيضًا؛ لأنَّ أجْرَ المِثلِ في الإجاراتِ الفاسِدةِ؛ إنَّما يَجِبُ باستِيفاءِ المَعقودِ عليه، لا بالتَّسليمِ نَفْسِه، وهو التَّخليةُ، كَما في النِّكاحِ الفاسِدِ؛ لأنَّ التَّخليةَ هي التَّمكينُ، ولا يَتحقَّقُ مع الفَسادِ؛ لِوُجودِ المَنعِ مِنْ الِانتِفاعِ به شَرعًا، فأشبَهَ المَنعَ الحِسِّيَّ مِنْ العِبادِ، وهو الغَصبُ، بخِلافِ الإجارةِ الصَّحيحةِ؛ لأنَّه لا مَنعَ هُناكَ، فتَحقَّقَ التَّسليمُ، فلَئِنْ لَم يَنتفِعْ به المُستَأجِرُ فقَد أسقَطَ حَقَّ نَفْسِه في المَنفَعةِ؛ فلا يَسقُطُ حَقُّ المُؤجِّرِ في الأُجرةِ، وإذا سَكَنَ فقَدِ استَوفَى المَعقودَ عليه بعَقدٍ فاسِدٍ، ويُوجِبُ أجْرَ المِثلِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute