للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا على حَملِ الجِنازةِ؛ فالمَذهَبُ أنَّه جائِزٌ على الإطلاقِ، وقيلَ: إنَّه إنْ كانَ يُوجَدُ غَيرُهم يَجوزُ؛ وإنْ كان لا يُوجَدُ غَيرُهم لا يَجوزُ؛ لأنَّ الحَملَ عليهم حينئذٍ واجِبٌ (١).

وذَهَبَ المالِكيَّةُ إلى أنَّه يَجوزُ الاستِئجارُ على غُسلِ المَيِّتِ وحَملِه ودَفْنِه، ما لم يَتعيَّنْ عليه؛ فإنْ تَعيَّنَ عليه؛ لِعَدَمِ وُجودِ غَيرِه، أو لِعَدَمِ قَبولِه، فحينئذٍ لا تَجوزُ الإجارةُ عليه، وهذا أصْلٌ عِندَهم في فُروضِ الكِفاياتِ، أنَّه يَجوزُ أخْذُ الأُجرةِ عليها ما لَم تَتعيَّنْ عليه (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: تَصحُّ الإجارةُ لِتَجهيزِ المَيِّتِ وحَمْلِه ودَفْنِه، ولَو تَعيَّنَ على الأجيرِ؛ لأنَّها عِبادةٌ لَم تَجِبْ لَها نِيَّةٌ، ولأنَّه غيرُ مَقصودٍ بفِعلِه حتى يَقَعَ عَنه؛ لأنَّ مُؤنةَ ذلك في تَرِكَتِه أصالةً، ثم في مالِ مَنْ تَلزَمُه نَفَقَتُهُ؛ فإنْ لَم يكُنْ فعلى أغنياءِ المُسلِمينَ القِيامُ بها، فلَم يُقصَدِ الأجيرُ لِفِعلِه حتى يَقَعَ عنه، ولا يَضُرُّ عُروضٌ تُعينُه عليه؛ كالمُضطَرِّ؛ فإنَّه يَتعيَّنُ إطعامُه مع تَغريمِه البَدَلَ (٣).

وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: يُكرَهُ أخْذُ أُجرةٍ على الغُسلِ والتَّكفينِ


(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ١٩١، ١٩٢)، و «شرح فتح القدير» (٢/ ١١٢)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٦١)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٢٠٠).
(٢) «الشرح الكبير» (٥/ ٣٦٦)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ٢٣)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٩٠)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ٤٦٩).
(٣) «روضة الطالبين» (٤/ ١٧)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٩٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٣٣٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٥٤)، و «الديباج» (٢/ ٤٧٢)، و «كنز الراغبين» (٣/ ١٨٥)، و «أسنى المطالب» (٢/ ٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>