للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يَعقبُه فُتورٌ، وربَّما لا يُحسُّ بخُروجِه، ويَكونُ ذلك للرَّجلِ والمَرأةِ، وهو في النِّساءِ أكثَرُ (١).

أمَّا الوَديُ: فماءٌ أبيَضُ كَدِرٌ ثَخينٌ يُشبهُ المَنيَّ في الثَّخانةِ ويُخالِفُه في الكُرورةِ ولا رائِحةَ له ويَخرجُ عُقَيبَ البَولِ، إذا كانَت الطَّبيعةُ مُستمسِكةً، وعندَ حَملِ شَيءٍ ثَقيلٍ، ويَخرجُ قَطرةً أو قَطرتَينِ ونَحوَهما (٢).

والمَذيُ والوَديُ نَجسانِ باتِّفاقِ العُلماءِ.

قالَ النَّوويُّ : أجمَعَت الأُمةُ على نَجاسةِ المَذيِ والوَديِ (٣).


(١) «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١٨٠)، و «المجموع» (٢/ ١٦١).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١٨٠)، و «المجموع» (٢/ ١٦١).
(٣) «المجموع» (٢/ ٥١٠)، و «شرح صحيح مسلم» (٣/ ١٨٠)، و «شرح السنة» (٢/ ٩٠)، و «البحر الرائق» (١/ ٦٥)، و «المبسوط» (١/ ٦٩)، وعن الإمامِ أحمدَ بنِ حَنبلٍ قَولٌ في طَهارةِ المَذيِ، صحَّحَه ابنُ عَقيلٍ الحَنبَليُّ، واختارَه أبو الخَطابِ في «خِلافه»، وقدَّمَه ابنُ رَزينٍ في «شرحه»، وجزَمَ في «نهايته» و «نظمها». انظرْ على سبيلِ المثالِ: «المغني»، و «المحرر في الفقه» (١/ ٦)، و «الإنصاف» (١/ ٣٣٠)، وكثيرٌ من مراجعِ الحَنابِلة.
قال شَيخُ الإسلامِ في «شرح العمدة» ص (١٠٤): «أمَّا المَذيُ، فيُعفَى عنه في أَقوى الرِّوايتَينِ؛ لأنَّ البَلوى تَعمُّ به ويَشقُّ التَّحرُّزُ منه، فهو كالدَّمِ، بل أَولى، للاختِلافِ في نَجاستِه والاجتِزاءِ عنه بنَضحِه. وكذلك المَنيُّ، إذا قُلنا بنَجاستِه. وأمَّا الوَديُ، فلا يُعفَى عنه في المَشهورِ عنه كالبَولِ. وأمَّا الدَّمُ، فيُعفَى عن يَسيرِه رِوايةً واحِدةً».
وقالَ ابنُ قُدامةَ في «المغني» (١/ ٤١٣): «ورُويَ عن أحمدَ «أنَّه (أي: المَذيُ) بمَنزلةِ المَنيِّ» (أي: كِلاهما طاهِرٌ). قالَ -في رِوايةِ مُحمدِ بنِ الحَكمِ- إنَّه سألَ أبا عَبدِ اللهِ (الإمامَ أحمدَ) عن المَذيِ أشَدُّ أوالمَنيُّ؟ قالَ (الإمامُ): «هما سَواءٌ: ليسَا من مَخرجِ البَولِ، إنَّما هما من الصُّلبِ والتَّرائبِ، كما قالَ ابنُ عَباسٍ: هو عِندي بمَنزِلةِ البُصاقِ والمُخاطِ». وذكَرَ ابنُ عَقيلٍ نَحوَ هذا. وعلَّلَ بأنَّ المَذيَ جُزءٌ من المَنيِّ؛ لأنَّ سَببَهما جَميعًا الشَّهوةُ، ولأنَّه خارِجٌ تُحلِّلُه الشَّهوةُ أشبَهَ المَنيَّ».
قالَ ابنُ حَجرٍ في «الفتح» (١/ ٣٨١): «وخرَّجَ ابنُ عَقيلٍ الحَنبليُّ من قَولِ بَعضِهم: «إنَّ المَذيَ من أجزاءِ المَنيِّ» رِوايةً بطَهارتِه. وتُعقِّبَ بأنَّه لو كانَ مَنيًّا لوجَبَ الغُسلُ منه».
وقد أخرَجَ مالِكٌ في «المُوطأِ» في «بابِ الرُّخصةِ في تَركِ الوُضوءِ من المَذيِ» (١/ ٤١): عن يَحيَى بنِ سَعيدٍ عن سَعيدِ بنِ المُسيِّبِ أنَّه سمِعَه ورَجلٌ يَسألُه، فقالَ: إنِّي لأجِدُ البَللَ وأنا أُصلِّي، أفأنصَرفُ؟ فقالَ له سَعيدٌ: «لو سالَ على فَخِذي، ما انصرَفتُ حتى أَقضيَ صَلاتي». أي أنَّ سَعيدًا لا يَرى المَذيَ نَجسًا.
ورَوى عبدُ الرَّزاقِ في «مُصنفِه» (٦١٣) عن ابن عُيَينةَ عن يَحيى بنِ سَعيدٍ عن ابنِ المُسيِّبِ قالَ: إنِّي لأجِدُ المَذيَ على فَخِذي يَنحدِرُ وأنا أُصلِّي، فما أُبالي ذلك، قالَ: وقالَ سَعيدٌ عن عُمرَ بنِ الخَطابِ: إنِّي لأجِدُ المَذيَ على فَخِذي يَنحدرُ وأنا على المِنبَرِ ما أُبالِي ذلك».

<<  <  ج: ص:  >  >>