والثاني: أنَّه لمَّا جازَ بُلوغُ الغُلامِ بمائِعٍ طاهِرٍ وهو المَنيُّ، وبُلوغُ الجارِيةِ بمائِعٍ نَجسٍ، وهو الحَيضُ، جازَ أنْ يَفتَرِقا في حُكمِ طَهارةِ البَولِ على أنَّ الغُلامَ كَثيرًا ما يَتداوَلُه الناسُ، فكانَ حُكمُ بَولِه أخَفَّ (١).
وقالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: وقد اختَلفَ العُلماءُ فى كَيفيةِ طَهارةِ بَولِ الصَّبيِّ والجارِيةِ على ثَلاثةِ مَذاهبَ، وهي ثَلاثةُ أوجُهٍ لأَصحابِنا:
الصَّحيحُ المَشهورُ المُختارُ أنَّه يَكفي النَّضحُ في بَولِ الصَّبيِّ، ولا يَكفي في بَولِ الجارِيةِ بل لا بدَّ من غَسلِه كسائِرِ النَّجاساتِ.
والثاني: أنَّه يَكفي النَّضحُ فيهما.
والثالِثُ: لا يَكفي النَّضحُ فيهما، وهذان الوَجهانِ حَكاهما صاحِبُ «التَّتمة» من أَصحابِنا وغيرُه، وهُما شاذَّانِ ضَعيفانِ، وممَّن قالَ بالفَرقِ علِيُّ ابنُ أبي طالِبٍ وعَطاءُ بنُ أبي رَباحٍ والحَسنُ البَصريُّ وأحمدُ بنُ حَنبلٍ وإِسحاقُ بنُ رَاهَوَيهِ وجَماعةٌ من السَّلفِ وأَصحابِ الحَديثِ وابنُ وَهبٍ من أَصحابِ مالِكٍ ﵃، ورُويَ عن أبي حَنيفةَ وممَّن قالَ بوُجوبِ غَسلِهما أبو حَنيفةَ ومالِكٌ فى المَشهورِ عنهما، وأهلُ الكُوفةِ.
واعلَمْ أنَّ هذا الخِلافَ إنَّما هو في كَيفيةِ تَطهيرِ الشَّيءِ الذي بالَ عليه الصَّبيُّ ولا خِلافَ في نَجاستِه، وقد نقَلَ بعضُ أَصحابِنا إِجماعَ العُلماءِ على نَجاسةِ بَولِ الصَّبيِّ وأنَّه لم يُخالِفْ فيه إلا داودُ الظاهِريُّ، قالَ الخَطابيُّ