حاجَتِه مِنْ الكَلَأِ، كَما يَكونُ أحَقَّ بقَدْرِ حاجَتِه مِنْ الماءِ، وهو ظاهِرُ قَولِ المُغيرةِ، وأعدَلُ الأقوالِ وأَوْلَاها بالصَّوابِ؛ لأنَّه لا يَقدِرُ على المُقامِ على الماءِ إذا لَم يكُنْ له في ذلك المَوضِعِ مَرعًى؛ فتَذهَبُ نَفَقَتُه في البِئرِ باطِلًا، وكذلك لَو سَبَقَ بالنُّزولِ في ذلك المَوضِعِ فبَنَى فيه بُنيانًا، أو أنفَقَ فيه نَفَقةً لَوجبَ على قياسِ هذا أنْ يَكونَ أحَقَّ بقَدْرِ حاجَتِه مِنْ كَلَأِ ذلك المَوضِعِ مِنْ غَيرِه؛ لِئَلَّا تَذهَبَ نَفَقَتُه باطِلًا، وقَد قالَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ:«لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ»؛ فمِنَ الضَّررِ البيِّنِ أنْ يُدخِلَ عليه غيرَه في قَدْرِ حاجَتِه مِنْ كَلَأِ المَوضِعِ الذي أنفَقَ فيه نَفَقَتَه.
وأمَّا إذا كانَ الكَلَأُ في أرضٍ مُتملكَةٍ؛ فإنَّ الأرضَ المُتملكَةَ تَنقَسِمُ في ذلك إلى أربَعةِ أقسامٍ:
أحَدُها: أنْ تَكونَ مُحَظَّرةً قد حُظِرَ عليها بحِيطانٍ؛ كالجَنَّاتِ والحَوائِطِ.
والثَّاني: أنْ تَكونَ غيرَ مُحَظَّرَةٍ، إلَّا أنَّها حِماه ومُروجُه التي قد بَوَرها لِلمَرعَى وتَركَ زِراعَتَها مِنْ أجلِ ذلك.
والثَّالث: فَدادينُه وفُحوصُ أرضِه التي لَم يُبَوِّرْها لِلمَرعَى؛ وإنَّما تَركَ زِراعَتَها لِاستِغنائِه عن زِراعَتِها ولِيَجِمَّها لِلحَرْثِ، فنَبَتَ فيها الكَلَأُ.
فَأمَّا الأرضُ المُحَظَّرةُ التي قد حُظِّرَ عليها، كالحَوائِطِ والجَنَّاتِ فلا اختِلافَ فيما كانَ فيها مِنْ الكَلَأِ أنَّ صاحِبَه أحَقُّ به، له أنْ يَبيعَه ويَمنَعَه،