احتاجَ إليه أو لَم يَحتَجْ إلَيه، وليسَ لِأحَدٍ الدُّخولُ عليه في حائِطِه لِرَعْيٍ ولا احتِشاشٍ إلَّا بإذْنِه.
وأمَّا العَفا والمُسرَّحُ مِنْ أرضٍ قَريبةٍ، فلا اختِلافَ في أنَّه لا يَبيعُه ولا يَمنَعُ النَّاسَ عَما فَضَلَ مِنْ حاجَتِه مِنه، إلَّا أنْ يَكونَ عليه في تَخَلُّصِ النَّاسِ إليه بدَوابِّهم ومَواشِيهم ضَرَرٌ مِنْ زَرْعٍ يَكونُ له حَقٌّ إليه فيَفسُدَ عليه بالإقبالِ عليه والإدبارِ.
وأمَّا الأرضُ التي بَوَرها لِلمَرعَى وتَركَ الِانتِفاعَ بزِراعَتِها مِنْ أجلِ ذلك فقيلَ: له أنْ يَمنَعَ إنِ احتاجَ إليه لِيَرعاه، ويَبيعَ، إنْ لَم يَحتَجْ إليه مِمَّنْ يَرعاه أو يَحتَشُّه، وهو مَذهَبُ القاسِمِ، وابنِ الماجِشونِ، فإنْ لَم يَحتَجْ إليه ولا وَجَدَ مَنْ يَبيعُه منه أُجبِرَ على أنْ يُخَلِّيَ بينَ النَّاسِ وبَينَه، ولا يُباحُ له أنْ يَمنَعَ النَّاسَ مِنه، ويُترَكَ حتى يَيبَسَ ويَفسُدَ.
قيلَ: إنَّ له أنْ يَمنَعَ إنِ احتاجَ إلَيه، وليسَ له أنْ يَبيعَ، وهو قولُ أشهَبَ.
وأمَّا فُحوصُ أرْضِه وفَدادينِه التي لَم يُبَوِّرْها لِلمَرعَى؛ فقالَ ابنُ القاسِمِ وأشهَبُ: له أنْ يَمنَعَ إنِ احتاجَ، وليسَ له أنْ يَبيعَ إنْ لَم يَحتَجْ إلَيه، وقالَ ابنُ الماجِشونِ: له أنْ يَمنَعَ إنْ احتاجَ، وأنْ يَبيعَ إنْ لَم يَحتَجْ إلَيه، فأشهَبُ يَرَى أنَّه لَيسَ له أنْ يَبيعَ مَراعيَ أرضِه، سواءٌ كانَ قد بَوَرها لِلكَلَأِ أو لَم يُبَوِّرْها لِذلك، وابنُ الماجِشونِ يَرَى أنَّ له أنْ يَبيعَ مَراعيَ أرضِه، سواءٌ كانَ قد بَوَرها لِلكَلَأِ أو لَم يُبَوِّرْها لِذلك، وابنُ القاسِمِ يُفرِّقُ في إجازةِ البَيعِ له إذا استَغنَى عنه بينَ الأرضِ التي بَوَرها لِلمَرعَى، وبَينَ التي لَم يُبَوِّرْها لِلمَرعَى، فتَحصُلُ في مَجموعِ الطَّرفَيْنِ ثَلاثةُ أقوالٍ، وفي كلِّ طَرَفٍ مِنها على انفِرادِه قولانِ.